وثانيهما : أن يتعلّق الأمر باستناد العمل إلى قوله ، لا إلى نفس العمل كأن يكون الواجب استناد العمل إلى قوله ، والأخذ منه على أن يكون المدرك في اعتقاد الاستحباب أو الإباحة هو خبر زيد ، ولا شكّ أنّ هذا هو معنى وجوب العمل بخبر زيد لا الأوّل ، وإلاّ يلزم وجوب الحرام فيما إذا أخبر بحرمة شيء أو وجوب مباح ، كما أنّه لا شكّ في صدق الامتثال ولو بالنسبة إلى فعل المأمور به مع عدم الأخذ بخبر زيد وإن لم يصدق بالنسبة إلى الأخذ ، لأنّه واجب توصّلي يسقط بإتيان العمل ولو من غير هذا الطريق.
نعم ، لا يثاب بالنسبة إلى الأمر بالأخذ من قول زيد والعمل بخبره ؛ لأنّ قضية الوجوب التوصّلي لا تزيد (١) على رفع العقاب وهو لا يقضي بالثواب كما لا يخفى.
إذا عرفت هذه ، فاعلم أنّ الشهرة مثلا دلّت على خلاف ما يقتضيه الاشتغال في وجوب الصلاة مثلا ، فالعمل بالاشتغال لا ينافي العمل بالشهرة بخلاف العمل بها ، فإنّ العمل بها (٢) قد يؤدّي إلى ترك الاشتغال ، فإنّ المفروض وجوب العمل على تقدير الاشتغال وعدم وجوبه على تقدير العمل بالظنّ ، والعمل بالأول عمل بالثاني ؛ لأنّ الأخذ به واجب توصّلي يحصل بالفعل ولو من غير جهة الاستناد إلى الظنّ.
نعم ، قد يتعارض الاشتغالان فيما لو كان كلّ منهما مثبتا للتكليف كما إذا كان الاشتغال في الفروع موجبا للعمل ، والظنّ قام على حرمته ، أو العكس ، فيحكم بينهما بالتخيير ، ومع ذلك فلا يطرد العمل بالظنّ كما هو المقصود من التعميم كما لا يخفى.
الرابع منها : ما عزي إلى السيّد الطباطبائي وهي قاعدة عدم الكفاية ، وبيانها ـ على ما قد يحكى عنه بعد تلخيص منّا ـ أنّه بعد ما فرضنا دلالة الدليل على حجّية ظنّ في الجملة على سبيل الإهمال ، فنقول : إنّ له سلاسل ثلاثة : من المظنون والمشكوك والموهوم ، والواجب أوّلا الاقتصار على الظنّ المظنون في الأحكام على تقدير الكفاية ،
__________________
(١) في النسختين : لا يزيد.
(٢) « ل » : ـ فإنّ العمل بها.