المطلق إنّما هو قول به في مفهومه ، فربّما يحصل للقائل بالصحاح الأعلائية ظنون كثيرة لا يحصل على قدرها بل الأقلّ منها للقائل بمطلق الظنّ ، مثلا القائل بحجّية الاستقراء مع قلّة موارده على تقدير ترك العمل به لشبهة القياس مثلا قد يحصل له الظنّ من الأمارات الأخر أكثر ممّا يحصل في موارد الاستقراء.
وبالجملة ، فدعوى عدم تماميّة الفقه إلاّ بالعمل بمطلق الظنّ ناشئة إمّا عن سوء الفهم في دليل حجّية الظنّ ومناطه ، أو من عدم المبالاة في المكابرات.
وقد تمسّك بعض من لا دربة له في التعميم ببناء العقلاء.
ولم نقف له على محصّل ، فالأولى ترك التعرّض له هذا ، والذي ينبغي أن يقال في وجه التعميم على تقدير الإهمال في النتيجة هو أنّ الواجب أوّلا الأخذ بالأخبار الصحاح المعمولة عند الأصحاب ، المفيدة للاطمئنان ، فإنّها هو القدر المتيقّن من بين الظنون بجميع أقسامها ؛ إذ ما من خصوصية يتخيّل كونها مناطا في الحكم ، وملاكا في الاعتبار إلاّ وهي موجودة فيها ؛ إذ غاية ما يتصوّر في غيرها من الخصوصية هي إفادتها الاطمئنان (١) والمفروض حصوله فيها.
مضافا إلى الخبرية (٢) وكونها معمولا بها عند الأصحاب ، ولو لم نقل بحجّية هذا القسم من الأخبار من جهة الظنون الخاصّة ، فلا أقلّ من احتمالها.
ومن هنا يظهر أنّ كونها قدرا متيقّنا لا يخصّ القول بالظنّ الخاصّ بل إنّما هو بحسب الدليل الرابع أيضا كذلك كما لا يخفى.
وفي حكمها كلّ أمارة دلّ على اعتبارها وحجّيتها هذا الصنف من الخبر بناء على ما حقّقنا سابقا من أنّه لا فرق بين إعمال الظنّ في الواقع ، وبين إعماله في طريقه كما مرّ مستوفى وهي (٣) الأخبار الموثّقة التي تفيد الاطمئنان ، فإنّه قد دلّت أخبار كثيرة
__________________
(١) « ش » : للاطمئنان.
(٢) « ل » : الجهة.
(٣) سقط قوله : « وبين إعماله » إلى هنا من نسخة « ل ».