الاعتبار ، فيشكل الأمر في الحكم بخروجها عن الدليل ؛ لاستلزامه تخصيص الدليل العقلي مع عدم قبوله للتخصيص.
وقبل الخوض فيه ينبغي رسم مقدّمة وهي أنّه قد اشتهر بينهم عدم جواز تخصيص الدليل العقلي ، وربّما يتوهّم أنّ المراد منه ما يقابل الدليل الشرعي الذي قد استقلّ العقل بإدراكه كقبح الظلم والعدوان ، وحسن العدل والإحسان ، فيجوز التخصيص في الأدلّة الشرعية ، وليس كذلك بل التحقيق أنّ التخصيص لا يجري في كلّ دليل لا يحتمل الخلاف في مضمونه بحسب ما يفيده من العلم بعد الظنّ.
والسرّ في ذلك أنّ الدليل في الاصطلاح هو ما يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، فهو واسطة في ثبوت العلم ولو كان علما شرعيّا بانتهائه إلى العلم الوجداني للعالم وفي إثبات المعلوم لديه ، فإن قام في الفرد المخصّص دليل على ثبوت الحكم له أيضا ، فلا معنى للتخصيص ؛ لاستلزامه تخلّف المعلول عن العلّة التامّة المفيدة للعلم ، وإلاّ فلا معنى أيضا للتخصيص ؛ لعدم دليل دالّ عليه أوّلا ، فلا تخصيص ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الدليل عقليا أو شرعيا.
أمّا الأوّل ، فواضح ؛ فإنّ العقل لا حكم له إلاّ بعد الإحاطة بجميع مراتب مدركه في مرتبة إدراكه ، فإن أدرك مثلا قبح الظلم ، فلا وجه للتخصيص ، وإلاّ فلا معنى له كما هو ظاهر.
وأمّا الثاني ، فلأنّا لو فرضنا قيام الإجماع على نجاسة عنوان الكافر ، فإن قام على نجاسة اليهود أيضا ، فنجاسته إجماعية لا تخصيص فيها ، وإن لم يقم ، فلا دليل على نجاسته ، وعلى قياسه الشهرة لو قامت على نجاسة الكافر مثلا.
نعم ، يجري التخصيص في الأدلّة اللفظية الظاهرة في المعنى بحسب الدلالة الوضعية لا بحسب الدلالة التابعة للإرادة ، وبحسب إفادتها تصوّر المعنى الموضوع له لا من