الثاني : ما التزم به المحقّق المذكور (١) أيضا من جواز العمل بالقياس حال الانسداد فيما إذا أفاد الظنّ.
وتوضيحه : أنّه لا ريب في بطلان العمل بالقياس في مذهبنا ، فمن (٢) مارس قليلا أهل هذا المذهب في الجملة ولا سيّما بعد ملاحظة الإجماعات المنقولة والأخبار المتكاثرة الواردة عن العترة الطاهرة بحيث يحتمل عدم جواز الملاقاة لمن أنكر ذلك في جميع الموارد ، إلاّ أنّه قد يظهر من جماعة الاستناد إلى الأولوية المستقرّة (٣) الظنّية حتّى قيل : إنّها قوّة الفقيه ، ومن جماعة أخرى الاعتماد على الاستقراء الذي هو في حقيقة الحال مرجعه إلى القياس ؛ إذ من الواضح فساد الاستناد في إثبات حكم جزئي لجزئي مثله من غير أن يكون هناك جامعة بينهما ؛ لعدم الملازمة بين حكميها لولاها ، وإليه ينظر مقالة أهل الميزان من أنّ الجزئي ليس بكاسب ولا بمكتسب ، وذلك يكشف عن إمكان التخصيص في حكم القياس.
فعلى هذا نقول : إنّه لا دليل على حرمة العمل بالقياس وما يقاربه حال الانسداد ، لإطلاق معاقد الإجماعات المنقولة وإطلاق الروايات الواردة في المقام ، ضرورة عدم اشتمالهما حال الانسداد إلاّ بالإطلاق بضميمة أصالة الحقيقة وأصالة عدم التقييد وغير ذلك من الأصول التعبّدية التي لا تفيد العلم بل ، ولا الظنّ ، وبرهان الانسداد إنّما يدلّ على حجّية مطلق الظنّ حال الانسداد ، فمفاده خاصّ بالنسبة إليها ، والخاصّ يقدّم على العامّ كالمقيّد على المطلق ، ولا سيّما فيما كان الخاصّ عقليّا ، وحال أخبار القياس ليس أولى من حال الأدلّة الدالّة على حرمة العمل بالظنّ لا دلالة ولا كثرة.
بل وجملة منها إنّما وردت في مقام الردّ على الفرقة الهالكة حيث إنّهم نبذوا الكتاب (٤) اختصّ علمه بهم (٥) وراء ظهورهم مع تمكّنهم من الرجوع إلى باب العلم ،
__________________
(١) القوانين ١ : ٤٤٩ ، و ٢ : ١١٥.
(٢) كذا. ولعلّ الصواب : لمن.
(٣) « ل » : ـ المستقرّة.
(٤) « ش » : كتاب.
(٥) « ل » : ـ اختصّ علمه بهم.