وإلاّ فلا يصغى إليه.
هذا غاية ما يمكن الانتصار (١) لهذا الوجه إلاّ أنّه لا يجدي أيضا بعد التحقيق والتدقيق ، فإنّ الأدلّة المتكثّرة الواردة في مقام وإن كان ممّا لا يفيد القطع كلّ واحد منها في حدود ذواتها إلاّ كلّ واحد منها لا يخلو عن إفادة ظنّ ولو في أضعف مراتبه وإن كان ممّا استند في دلالتها إلى تعبّدي ؛ إذ قد يفيدان الظنّ أيضا.
نعم ، لا يطّرد إفادة الظنّ فيه ، لأنّه يمنع حصول الوصف منه كما لا يخفى ، وبعد انضمام رواية أخرى إليه يزداد ذلك الظنّ قوّة إلى أن ينتهي إلى العلم ، وذلك باب شائع ، وطريق واسع يستند العلوم الحاصلة من اليقينيات غالبا إلى هذه الطريقة ، ولا بعد فيها.
ومنه يظهر الوجه في جملة من المسائل الكلامية للاعتقاد استناد المشهور إلى الروايات والآيات مع أنّ غاية ما يستفاد منها الظنّ ، وهم لا يقولون باعتبار الظنّ ولو كان حاصلا من الأمارات الخاصّة فيها ، فإنّ ازدياد الأسباب الظنّية يوجب تراكم الظنون ، فيزداد باشتداد كلّ بلحوق ظنّ آخر حتّى يصير علما ، ولو لا هذا ، لانقطع التواتر ولو في جهة اللفظ ، فإنّ الإخبار بصدور لفظ من لافظ من حيث هو لا يفيد إلاّ الظنّ بصدوره منه ، وبعد الإخبار به ثانيا يشتدّ ذلك الظنّ مرتبة إلى أن يصل إلى اليقين.
وبالجملة فمن المعلوم لكلّ واحد (٢) من العلماء بل لا يبعد دعوى إلحاق العوامّ بهم عدم جواز الاستناد في زماننا هذا إلى القياس ، وليس هذا العلم ممّا لا (٣) يستند إلى سبب يحصل منه العلم في العادة بل على الأمور النقلية من الاعتقاديات (٤) وغيرها إلى مثل هذه الأسباب كما هو غير خفيّ على المتدبّر.
__________________
(١) « ل » : الانتصار به.
(٢) « ل » : أحد.
(٣) « ل » : ـ لا.
(٤) « ل » : الاعتقادات.