تذييل (١) :
قد تمسّك بعض (٢) من يرى عدم حجّية القطع فيما لم يرد فيه (٣) دليل شرعي بقوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )(٤).
وأورد عليه المحقّق القمّي رحمهالله (٥) بأنّ بعد التسليم من دلالة الآية على ما زعمه المستدلّ لا بدّ من تأويله في مقابلة ما دلّ على وجوب اتّباع حكم العقل القطعي ، لعدم مقاومة الدليل الظنّي للدليل القطعي.
فاعترضه بعض الأجلّة حيث قال :
وهذا الجواب على إطلاقه غير مستقيم عندي ؛ لأنّ استلزام الحكم العقلي للحكم الشرعي ـ واقعيا كان أو ظاهريا ـ مشروط في نظر العقل بعدم ثبوت منع شرعي عنده من جواز تعويله عليه.
قال : ولهذا يصحّ عقلا أن يقول المولى الحكيم لعبده : لا تعوّل في معرفة أوامري وتكاليفي على ما تقطع به من قبل عقلك ، أو يؤدّي إليه حدسك بل اقتصر في ذلك على ما يصل منّي إليك بطريق المشافهة أو المراسلة أو نحو ذلك.
ثمّ أفاد طاب ثراه : ومن هذا الباب ما أفتى به بعض المحقّقين من أنّ القطّاع ـ الذي يكثر قطعه بالأمارات التي لا توجب (٦) القطع عادة ـ يرجع إلى المتعارف ولا يعوّل على قطعه الخارج عنه.
قال : فإنّ هذا إنّما يصحّ إذا علم القطّاع ، أو احتمل أن يكون حجّية (٧) قطعه مشروطة (٨) بعدم كونه قطّاعا ، فيرجع إلى ما ذكرنا من اشتراط حجّية القطع بعدم المنع ،
__________________
(١) « ل » : « الأمر الرابع » بدل : « تذييل ».
(٢) هو الفاضل التوني في الوافية : ١٧٢.
(٣) « ل » : ـ فيه.
(٤) الإسراء : ١٥.
(٥) القوانين ٢ : ٦.
(٦) « ش » والمصدر : لا يوجب.
(٧) « ل » والمصدر : حجّيته؟
(٨) المصدر : مشروطا.