النجاسة في غسالة الحمّام وطين الطريق ـ فالمناط هو الأصل ، ولا عبرة بالظنّ مطلقا ، وهذا هو العنوان المذكور في كلماتهم من تعارض الأصل والظاهر ، فإنّ الظاهر في الأحكام والألفاظ حجّة كما صرّح السلطان بذلك في حاشية المعالم (١) ، به يرتفع موضوع الأصل على القول بحجّيتها ، فلا يقاومه.
وما قد يرى في تقديم الظاهر على الأصل في بعض المقامات (٢) ، فإنّما هو لدلالة دليل عليه من إجماع أو سيرة أو أصل قطعي كأصالة حمل فعل المسلم على الصحّة ونحوها ، وذلك كما في حكمهم ببراءة ذمّة الزوج عن النفقة فيما لو ادّعت الزوجة مع إتلافها له في مدّة مديدة ، فإنّ الظاهر أنّ أصالة عدم الإنفاق إنّما تقدّم (٣) لأصالة حمل فعل المسلم على الصحّة ، وقد صرّح الشهيد في المسالك (٤) بأنّها من موارد تقديم الظاهر على الأصل مع اعترافه (٥) بكونها قليلة.
السادس ممّا ينبغي التنبيه عليه أنّه قد ذهب جماعة كثيرة بل قد ينسب إلى المشهور عدم حجّية الظنّ في مسائل أصول الفقه ، والحقّ حجّيته فيها وفاقا لجماعة من المحقّقين.
لنا ما تقدّم سابقا من أنّ العقل بعد الانسداد والقطع (٦) بالتكليف وعدم جواز الرجوع إلى الأصول التعبّدية يحكم حكما أوّليا بوجوب تفريغ الذمّة ، والخروج عن
__________________
(١) لم أجده فيه.
(٢) انظر ايضاح القواعد ١ : ٤٣ ، ٣ : ١٢٢ ؛ الدروس ٢ : ٦٨ ، و ٣ : ٣٨٦ ؛ جامع المقاصد ١٢ : ٤٧٩ ؛ تمهيد القواعد : ٣٠٤ وما بعدها ؛ شرح اللمعة ٢ : ١١٣ ، و ٤ : ١٤٦ ، و ٥ : ١٢٨ و ٣٧٦ ؛ مسالك الأفهام ٤ : ٢٢٥ ، و ٦ : ١٩١ ؛ العقد الحسينى : ١٦ و ١٩ ؛ حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٤٠٣ ؛ غنائم الأيّام ٣ : ٣٧٠ ـ ٣٧١ ؛ جواهر الكلام ٣ : ٣٦٣ ، و ٣١ : ١٣٩ ؛ كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري ٥ : ١٦٩ ؛ القواعد والفوائد ١ : ١٣٧ ـ ١٤١ ؛ نضد القواعد الفقهية : ٦٩ ؛ الوافية : ١٨٣ ـ ١٨٤.
(٣) في النسختين : يقدّم.
(٤) مسالك الأفهام ٧ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨. انظر أيضا ايضاح القواعد ٣ : ٢٧٣. انظر ج ٤ ، ص ٥٧.
(٥) اعترف في تمهيد القواعد : ٣٠١.
(٦) « ل » : العلم.