المقام الأوّل فيما لو تعذّر تحصيل العلم ابتداء هل يجب تحصيل الظنّ أو لا يجب؟ المقام الأوّل فيما لو تعذّر تحصيل العلم ابتداء هل يجب تحصيل الظنّ نظرا إلى أنّ الظنّ يقوم مقام العلم مطلقا ، أو لا يجب؟ والكلام في المقام إنّما هو في الأمور التي يجب تحصيل العلم فيها لو لم يكن تحصيله متعذّرا.
وأمّا الأمور التي لا يجب تحصيل الاعتقاد فيها ، فهو خارج عن أصله لكنّه قد يقوى في النظر إطلاق القول بوجوب التحصيل في كلّ ما يمكن التحصيل فيه نظرا إلى إطلاق الأدلّة الآمرة بتحصيل العلم والقائلة بوجوب طلبه ، المنساقة غالبا في الأصول بخصوصها ، ولا أقلّ من شمولها لها قطعا ، كقوله : « طلب العلم فريضة على كلّ مؤمن ومؤمنة » (١) وآيتي النفر والسؤال وغيرها.
وبالجملة ، التحقيق عدم وجوب تحصيل الظنّ عند تعذّر العلم ؛ لعدم الدليل على وجوبه ، فإنّ الأدلّة بأجمعها صريحة في طلب العلم على وجه يستفاد منها أنّه هو المطلوب بنفسه على نحو الموضوعية ، والظنّ لا يكون بدلا عن العلم في مقام يكون العلم موضوعا.
نعم ، فيما لو كان العلم طريقا ومرآة يمكن القول ببدلية الظنّ للعلم.
ومن هنا يظهر فساد قياس المقام بالأحكام الفرعية ، فإنّ المقصود منها على ما عرفت هو العمل ، والعلم طريق له ، وحيث إنّ المكلّف لا يخلو عن عمل ، يحكم العقل ببدلية الظنّ للعلم عند تعذّره ، وأين هذا من وجوب تحصيل العلم موضوعا ، فكما أنّ الأمر بالصلاة لا دلالة فيه على وجوب الصوم عند تعذّر الصلاة فكذا قوله ، فاعلم أنّ الأدلّة الدالّة (٢) لا دلالة فيها (٣) على وجوب تحصيل الظنّ عند تعذّر العلم ، مضافا إلى الأخبار الناهية عن القول بما لا يعلم ، الآمرة بالتوقّف عند عدم العلم.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٦ ـ ٢٩ ، باب ٢٨ من أبواب صفات القاضي ، ح ١٦ و ١٨ و ٢٠ و ٢١ و ٢٣ و ٢٦ ـ ٢٨ و ٣٥ ، وفيه : فريضة على كلّ مسلم. وسيأتي في ص ٣٠٠.
(٢) « ل » : ـ أنّ الأدلّة الدالّة.
(٣) في النسختين : فيه.