[ في القطع ]
وأمّا العلم ، فلا ريب أنّه على تقديره لا مجال للشكّ في وجوب العمل به واعتباره ، كما يدلّ عليه نفي الريب عنه بل هو معتبر بنفسه ، ودليل اعتباره ليس خارجا عن نفسه بل لا يحتاج إلى دليل ؛ إذ هو مع إفادة الظنّ لا يغني من جوع ؛ لاستلزامه إثبات الأخصّ بالأخسّ ، ومع إفادة العلم يدور أو يتسلسل ، فلا بدّ من الانتهاء إلى دليل هو حجّة بنفسه وهو المطلوب ، ومعنى حجّيته أنّه لا حجّة على عامله معه لا أنّه حجّة وواسطة في إثبات آثار متعلّقه عليه كما هو الشأن في غيره من الحجج الاصطلاحية ، ففي إطلاق الحجّة عليه تسامح.
وتوضيح ذلك : أنّ الحجّة في مصطلح أهل العلم ـ على ما هو المبيّن في علم (١) الميزان ـ ما يقع وسطا لإثبات أحكام الموضوعات من المحمولات لها ، ويستكشف منها آثارها المترتّب عليها في القضايا المطلوبة والنتائج كما يظهر ذلك بالرجوع إلى البرهان السائر على ألسنتهم في إثبات حدوث العالم ، فإنّ المتغيّر هو الحجّة والواسطة في إثبات الحدوث الأكبر للعالم الأصغر ، ففي الحقيقة تسمية البرهان حجّة إنّما هي لأجل اشتماله عليها ، ويكشف عن ذلك إتيانها بعد لام التعليل مفردا ، فالعلم بحدوث
__________________
(١) « ش » : ـ علم.