وإنّما الكلام في حكمه الوضعي فيما لو اكتفى بالظنّ ، فنقول : لا ريب في كفره ولزوم ترتيب آثاره من عدم جواز معاشرته رطبا ونحوه فيما لو كان ظنّه بخلاف الواقع كما إذا ظنّ بعدم كونه تعالى عالما ، أو واحدا ، أو قادرا مثلا ، وأمّا فيما لو كان ظنّه مطابقا للواقع ، فالظاهر أنّ ظنّه كعدمه ، فيرجع في تحقيق حاله إلى ما قد سبق في الشاكّ ، فإن كان مع جحود ، فهو كافر ظاهرا أيضا ، وإلاّ فيعمل بالأصل حسبما يقتضيه في كلّ مقام.
الثامن ممّا ينبغي التنبيه عليه أنّه على القول بعدم حجّية مطلق الظنّ ، أو على القول بها بعد خروج القياس وأمثاله هل يصحّ الاستناد إلى مطلق الظنّ على الأوّل ، أو إلى القياس على الثاني بجعله جابرا لكسر دليل ، أو معاضدا له ، أو مرجّحا عند تعارض دليل لآخر (١) ، أو موهنا ، أو لا يصحّ؟
وينبغي أوّلا تمهيد مقدّمة ، فاعلم أنّ كلاّ من الجبر والتعاضد والترجيح والوهن جهة مغايرة للأخرى ، وجهة مباينة لها ؛ فإنّ الجابر : عبارة عن انضمام أمر خارجي به يصير المجبور داخلا تحت عنوان كلّي قام الدليل على اعتباره ، سواء كان له مضمون يوافق مضمون الجابر أو لم يكن له مضمون أصلا.
فالأوّل كالشهرة الفتوائية فيما لو انضمّت (٢) إلى خبر بها يصير صدوره عن الإمام مظنونا على القول باعتبار الظنّ في الصدور (٣) ، وذلك إنّما يصحّ فيما لو كان المستند في الفتوى عند المشهور هو ذلك الخبر ، وإلاّ فلا ملازمة بين كون المضمون مشهورا وصدور الخبر عن الإمام ، كما لا ملازمة بين القطع بالمضمون وصدوره.
والثاني كالشهرة في الرواية ؛ فإنّها جابرة للخبر فيما لو كان سنده قاصرا إلاّ أنّه لا مضمون لها ، وإنّما هو كسائر القرائن الداخلية كالأعدلية.
والمعاضد : عبارة عن عبارة (٤) تطابق مضمونها مضمون الآخر سواء كان جابرا كما
__________________
(١) « ل » : الدليل الآخر.
(٢) في النسختين : انضمّ.
(٣) « ل » : بالصدور.
(٤) شطب عليها في « ل ».