الأمر الرابع (١) :
قد عرفت فيما سبق أحكام العلم التفصيلي تفصيلا ، فلا بأس بالإشارة إلى الأحكام الثابتة للعلم الإجمالي إجمالا.
فنقول : إنّ العلم عبارة عن حالة بين العالم والمعلوم ، بها ينكشف المعلوم عنده ، فلا ريب في كونها أمرا بسيطا غير قابل للإجمال والتفصيل ، ففي توصيفه بهما تسامح من جهة اتّصاف متعلّقه بهما.
نعم ، قد يقال بأنّ العلم لو كان من العلوم التصوّرية ، وقلنا بأنّ (٢) العلم هو الصورة الحاصلة ، فيصحّ اتّصاف نفس العلم بالوصفين المذكورين إلاّ أنّه خارج عمّا نحن بصدده ؛ فإنّ العلم المبحوث عنه في المقام هو العلم التصديقي لا التصوّري كما لا يخفى.
وكيف (٣) كان ، فالبحث فيه تارة يقع من حيث ثبوت التكليف به بمعنى أنّه بعد حصول العلم إجمالا بوجوب شيء ، فهل يتنجّز التكليف به مثل ما إذا علمه تفصيلا ، أو لا ، كما إذا علمنا بوجوب صلاة مردّدة بين الظهر والجمعة ، وأخرى يقع من حيث كفايته في الامتثال بمعنى أنّه كما يمتثل مع الإتيان بالمأمور به مثلا تفصيلا ، فهل يكفي في الامتثال إتيان المكلّف بعدّة أمور يعلم إجمالا وقوع المأمور به فيها أو لا ، كما إذا اشتبهت جهة القبلة ، فيأتي بأربع صلوات في أربع جهات ، أو لا بدّ من تعيين جهة القبلة تفصيلا؟ فهاهنا مقامان :
أمّا الكلام في المقام الأوّل ، فيقع في موردين : الأوّل في جواز المخالفة القطعية وعدمه ، الثاني في أنّه على تقدير عدم جواز المخالفة القطعية ، فهل الواجب تحصيل الموافقة القطعية ، أو يكفي فيه الفرار من المخالفة القطعية؟ والمتكفّل لبيان هذا المورد هو
__________________
(١) « ل » : ـ الأمر الرابع.
(٢) « ل » : إنّ.
(٣) « ل » : فكيف.