القسم الثاني على ما هو ظاهر ، فهو من القسم الثالث ، ولا معنى للاستناد إلى القياس إلاّ هذا كما لا يخفى.
وأمّا حصول الظنّ بصدور الخبر من القياس ، فقد عرفت الكلام فيه في الجبر. هذا هو تمام الكلام في الترجيح بما علم عدم اعتباره.
وأمّا الكلام في ترجيح الظنون المشكوكة كالشهرة وأمثالها ، فتارة يقع في ترجيح الدلالة (١) ، وأخرى في ترجيح السند فهنا مقامان :
المقام الأوّل في ترجيح الدلالة بالظنّ المطلق ، فاعلم أنّ الكلام في ترجيح الدلالة مرجعها إلى ما هو المعروف بينهم من تعارض الأحوال ، وتقديم بعضها على بعض بواسطة الظنون الخارجة عن الألفاظ ، لكنّه في تعيين المراد من اللفظ لا في تشخيص الأوضاع ، كما قد يقال بتقديم الاشتراك المعنوي على اللفظي ، أو الحقيقة على المجاز مثلا فيما لو دار الأمر بين إرادة الخاصّ من العامّ ، أو حمل الأمر على الاستحباب ، هل يصحّ تقديم التخصيص على المجاز بواسطة قيام الشهرة على التخصيص ، أو تقديم المجاز لغلبة حمل الأمر على المجاز الاستحبابي في نظائره ، أو لا يصحّ؟ فالظاهر من بعضهم عدم الاعتناء بأمثال هذه الظنون في مقام ترجيح الدلالة كما يظهر من صاحب المدارك (٢) حيث قدّم الخبر الدالّ على طهارة خرء الطيور على الرواية الدالّة على وجوب الغسل عن أبوال ما لا يؤكل لحمه ؛ لاعتضاده بالأصل ، وصريح بعض آخر الاتّكال على الظنّ الخارج من اللفظ في الدلالة كالسيّد الطباطبائي في الرياض (٣)(٤) حيث قدّم الرواية الدالّة على وجوب الغسل على الأخرى ؛ لانعقاد شهرة الأصحاب على النجاسة مثلا.
__________________
(١) « ش » : الدلالات.
(٢) مدارك الأحكام ٢ : ٢٦٢.
(٣) « ل » : كصاحب الرياض.
(٤) رياض المسائل ٢ : ٣٤٤ ، وفي ط الحجري ١ : ٨٣.