أصل
[ في البراءة في الشبهة الحكمية الوجوبية ]
في الشكّ في التكليف من أقسام الشبهة الحكمية الوجوبية فيما لو كانت الشبهة مستندة إلى فقد النصّ بجميع أقسامه المذكورة عدا ما إذا كان الشكّ بين الوجوب والحرمة ؛ فإنّ لهذه الصورة في هذا المقام وفي المقام الآتي مقام (١) آخر ، فلا بدّ من ذكرها على حدّها (٢) ، فنقول : لا شكّ في جريان البراءة في هذه الصورة بأقسامها ؛ للأدلّة الأربعة كتابا وسنّة وإجماعا وعقلا.
أمّا الأوّل ، فآي منه أقواها في النظر قوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً )(٣).
والتقريب أنّ البعث في المقام هو تبليغ الأحكام (٤) وبيانها ، وعند انتفائه لا بدّ وأن لا يكون هناك عقاب ، فالآية إنّما دلّت على نفي العقاب والعذاب عند عدم البيان والبعث وهو المطلوب.
لا يقال : قد مرّ فيما سبق ادّعاء ظهور الآية في نفي فعلية العقاب ووقوع العذاب ، وقد مرّ أيضا عدم تنافيه للاستحقاق ، فالوجوب المشكوك فيه يحتمل ثبوته.
لأنّا نقول : المقصود بالبراءة هو تفريغ الذمّة عن الأحكام الشرعية والخروج عن
__________________
(١) كذا. والصواب : مقاما.
(٢) « ج » : حدة.
(٣) الإسراء : ١٥.
(٤) « ج » : في الأحكام.