يلزم تحصيل الحاصل بغير حصوله ، ولو كان المقصود بها إفادة الإطلاق بعد جعل الأحكام ، يلزم الأمر الثاني لأنّ بعد الجعل وحصر الأحكام المجعولة في الخمسة يلزم من نفي الأربعة إثبات الأخير لمكان الحصر والتضادّ ، فيصير المعنى كلّ ما لا وجوب فيه واقعا ولا تحريم فيه كذلك ، أو لا استحباب ولا كراهة فيه ـ لو عمّمنا الأمر والنهي إليهما ـ فهو مباح ومطلق ، وهل هذا إلاّ بمنزلة أن يقال : كلّ ما لا حركة فيه ، فهو ساكن ، وليس (١) هذا إلاّ إظهارا لأمر بديهي يحترز عنه العقلاء ، ولا يصلح لحمل كلمات أرباب العصمة والحكمة عليه كما لا يخفى ، فتعيّن أن يكون المراد بالورود ـ [ و ] هو العلم بالأمر والنهي ـ ورودهما على المكلّف ، ولعمري إنّه دليل ساطع ، وبرهان قاطع لإثبات الإباحة الظاهرية لا يدانيه ريب كما لا يخفى بل لا يبعد القول بجواز الاستناد إليه في الشكّ في المكلّف به أيضا (٢) كما استند إليه الصدوق (٣) في الفقيه (٤) في باب جواز القنوت بالفارسية ، فإنّ المحصّل في تلك الواقعة رجوعها إلى الشكّ في المكلّف به إذ الكلام في مانعية الفارسية للصلاة ، ومرجعها إلى اشتراط عدمها كما في جميع الموانع ، فيؤول الكلام إلى أنّ إتيان الصلاة على الوجه المخصوص يكفي عن الاشتغال اليقيني ، أو لا؟ وذلك ظاهر وسيزيد (٥) ظهورا فيما سيجيء إن شاء الله تعالى.
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان رواها في الكافى في نوادر المعيشة عن الصادق عليهالسلام : « كلّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال [ أبدا ] حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (٦).
__________________
(١) « س » : « إن » بدل : « ليس ».
(٢) « ج » : فيها. « س » : منعا!
(٣) « س » : + رحمهالله.
(٤) الفقيه ١ : ٣١٧ / ٩٣٧.
(٥) « ج » : سنزيد.
(٦) الكافى ٥ : ٣١٣ / ٣٩ ؛ الوسائل ١٧ : ٨٧ ـ ٨٨ ، باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، ح ١ ، و ٢٤ : ٢٣٦ ، باب ٦٤ من أبواب الأطعمة والأشربة ، ح ٢ وسيأتي في ص ٤١٢ و ٤٤٨ و ٤٥٦ و ٥٨٩ وج ٤ ، ص ٣٧ و ١٠٧.