عدم الوجدان دليل عدم الوجود كما لا يخفى إلاّ أنّه بعد ذلك لا يصحّ التعويل عليها في إثبات البراءة.
أمّا أوّلا ، فلأنّ ما ذكر (١) إنّما يصلح نكتة للعدول إلى العبارة المذكورة ولا يزيد على إشعار كما اعترف به أيضا ، فلا يصحّ الاستناد إليها.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ الآية المذكورة إنّما نزلت في مقام الردّ على اليهود حيث حرّموا على أنفسهم من عندهم أشياء كثيرة كما يفصح عنه صدر الآية بدعة منهم (٢) وتشريعا في دين الله من غير استنادهم في ذلك إلى ما يدلّهم عليه ، ولا شكّ أنّ عدم وجدان الدليل على التحريم يكفي في الحكم بحرمة تحريم شيء ، ولا خصوصية في ذلك لوجدان النبيّ صلىاللهعليهوآله فلا مدخل (٣) لها في إثبات البراءة إذ القائل بالاحتياط لا يقول بحرمة الأشياء المشتبهة من غير دليل يدلّهم عليه في الواقع ، فلا يترك الفعل على أنّه من (٤) الدين بل على احتمال أنّ الترك من الدين ولا بدعة فيه كما لا يخفى.
وما يمكن أن يحتجّ به الأخباري وجوه (٥) كتابا وسنّة وعقلا أمّا الإجماع ، فلم ينعقد على الاحتياط ولم ينقله أحد ولا ادّعاه أحد منهم أيضا.
أمّا الأوّل ، فصنفان :
الأوّل : الآيات (٦) الآمرة بالتقوى كقوله : ( اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ )(٧) وقوله : ( وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ )(٨) ونحوهما ممّا لا يعدّ ولا يحصى (٩).
وجه الدلالة أنّ الاحتياط فيما يحتمل التحريم بالترك إنّما يعدّ تقى من الله ويجب الاتّقاء والاحتراز عن مناهيه والامتثال بأوامره ، فيجب الاحتياط وهو المطلوب.
__________________
(١) « س » : ذكره.
(٢) « م » : منه!
(٣) « س » : ولا مدخل.
(٤) « م » : على المتارك ( ظ ) وفي « ج » : ـ أنّه من.
(٥) « س » : ويحتمل أن يحتجّ للأخباري بوجوه.
(٦) المثبت من « ج » ، وفي سائر النسخ : آيات.
(٧) آل عمران : ١٠٢.
(٨) البقرة : ٢٨١.
(٩) « س » : ويحصى.