فقال : « أن يقولوا ما يعلمون ويكفّوا عمّا لا يعلمون » (١).
ومنها : ما ورد في مقبولة عمر بن حنظلة في الأخبار المتعارضة في حديث طويل ـ إلى أن قال ـ : قلت : فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على صاحبه؟ قال : « ينظر إلى ما كان من روايتهم عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه وإنّما الأمور ثلاثة : أمر بيّن رشده فيتّبع ، وأمر بيّن غيّه فيجتنب ، وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات ، نجى من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ، ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم » ـ إلى أن قال ـ : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا؟ قال الإمام عليهالسلام : « إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » (٢) والأخبار في هذا المعنى فوق حدّ الاستفاضة بل لا يبعد دعوى تواترها إجمالا.
وجه الدلالة في الكلّ على وجه الاشتراك أنّ ما لا نصّ فيه ولو من جهة الإجمال ممّا لا نعلم حكمه ، فهو من الشبهات ولا بدّ فيما لا نعلمه من الوقوف والكفّ وعدم الارتكاب أداء لحقّ الله تعالى وتخلّصا عن المهالك لأخبار المعصومين عن الوقوع فيها على تقدير عدم الاجتناب والارتكاب ، على أنّ العلم العادي يحصل بالوقوع في المحرّمات فيما لو ارتكب الشبهات وإن فرضنا عدم إخبار المعصوم بذلك أيضا.
وأمّا الثالث ، فيمكن أن يقرّر بوجهين :
أحدهما : ما مرّ مرارا من أنّ في ارتكاب تلك الموارد المشتبهة احتمال ضرر ، ويجب دفع الضرر ولو احتمالا ، فيجب الاجتناب عنها.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٤ و ١٥٥ و ١٦٨ ، باب ٤ و ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ١١ و ٤ و ( ٤٩ عن زرارة ).
(٢) الكافى ١ : ٦٧ ، باب اختلاف الحديث ، ح ١٠. وسيأتي بتمامه في ج ٤ ، ص ٥٧٦.