تخصيصا كثيرا بل وتخصيص الأكثر ؛ فإنّ مراتب التقوى متفاوتة متكاثرة (١) لا يعلم لها حدّ ولا حصر ، ومن الضروري عدم وجوب جميع مراتبها بل لا يجب إلاّ في الواجبات و (٢) المحرّمات ، فلو (٣) حمل على الوجوب فلا مناص (٤) من ارتكاب تلك التخصيصات المتكاثرة ، وهي مع كونها بنفسها شنيعة لا تتحمّل في كلمات من له أدنى مسكة ففي المقام ما يأبى عنها رأسا فإنّ سوق الآية ـ على ما هو ظاهر للمتدبّر فيها ـ ينافي التخصيص فإنّه يعدّ من الهزل قولك : اتّق الله إلاّ في مورد كذا وكذا ، وذلك ظاهر.
وأمّا الثاني ، فلأنّ الاستحباب وإن كان أقرب للوجوب من استعمال الأمر في القدر المشترك لكثرة موارده إلاّ أنّه لا بدّ من تخصيص موارد وجوب التقوى ، فهو يستلزم مجازا وتخصيصا بخلاف ما لو حملنا على مطلق الراجح فإنّه مجاز واحد فقط من غير تخصيص ، والنظر في سياقها أيضا يعطي ذلك.
وأمّا عن آيات الوقوف عند عدم العلم وحرمة العمل بما وراء العلم ، فبالالتزام بمفادها ومنع مزاحمتها لما نحن بصدده ، فإنّ القول بالبراءة ليس عملا بغير العلم في مقام الاشتباه لقطع العقل بذلك.
مضافا إلى الأدلّة المذكورة فالحكم في مرحلة الظاهر معلوم لنا وإن أريد عدم العلم بنفس الحكم الواقعي ، فلا شكّ في أنّ المجتهدين فيه أيضا متوقّفون لعدم (٥) العلم به ، وظنّي أنّ الاحتجاج بهذه الآيات في قبال الأصولي إنّما هو غفلة منهم (٦) عن مرادهم ولذلك ترى المحقّقين منهم كصاحب الحدائق إنّما عدل منها إلى الآيات السابقة.
وأمّا الجواب عن الثاني ، فأمّا عن أخبار الاحتياط ، فقد أجاب المحقّق في المعارج (٧)
__________________
(١) في « س » : متغايرة وفوقها كما في المتن.
(٢) « س » : أو.
(٣) « ج » : ولو.
(٤) « م » : لا مناص.
(٥) « م » : بعدم.
(٦) « س » : مسلّم.
(٧) معارج الأصول : ٢٩٩.