الشيء على حسب الملازمة الثابتة بينهما كما لا يخفى.
فظهر أنّ عدم الدليل في موارده دليل واقعي لا ينبغي أن يعدّ من الأدلّة الظاهرية كما ظهر أنّ المحقّق ليس بصدد التفصيل في هذه القاعدة ولا قاعدة البراءة.
وأمّا تفريع الحكم بالإباحة والحظر على ما ذكره (١) على ما هو المنشأ في هذا الاستناد (٢) إليه ممّا لا دليل فيه عليه بعد ما عرفت من عدم التفصيل فيها أيضا ، على أنّ الإباحة لا دخل لها بالبراءة فإنّ الأولى حكم جعلي إنشائي بخلاف الثانية فإنّ مفادها لا يزيد على عدم الحرج ورفع التكليف وخلوّ الذمّة وذلك كلّه ظاهر لا سترة عليه.
الثاني : أنّ بعد ما عرفت من حجّية البراءة وجريانها في الشبهات الحكمية التحريمية فلا بدّ أن تعلم أنّ حجّية البراءة إنّما هو في مقام لا دليل على تلك الواقعة إلاّ البراءة ولو كان ذلك الدليل هو الاستصحاب ، أو أصل آخر أخصّ منها كما وقع ذلك في موارد كالدماء والفروج ، ومنها ما نبّه عليه الشهيد في محكيّ الذكرى (٣) من أنّ الأصل في اللحوم الحرمة نظرا إلى أصالة عدم التذكية سواء كان الشكّ في قابلية المحلّ لها ، أو شكّ في اشتراط شيء كالتسمية ونحوها فيها بخلاف ما إذا علمنا بقابلية المحلّ ، وأحرزنا الشرائط والأجزاء ، وشككنا في اندراج اللحم الخاصّ في عنوانها فإنّ الأصل فيها الحرمة قطعا لأصالة عدم التذكية في الموضوع وسيجيء ، والأصل في ذلك أنّ التذكية أمر توقيفي جعلي منوط بحصول الترخيص من الشارع ، وكلّما شكّ في مثل ذلك فالأصل العدم فإنّ الحلّ في الأدلّة الشرعية كقوله تعالى بعد عدّ المحرّمات : ( إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ )(٤) وفي الخبر « حتّى علمت أنّه مذكّى » (٥) من آثار التذكية على وجه هو الشرط
__________________
(١) « م » : ذكر.
(٢) « ج ، م » : الإسناد.
(٣) ذكرى الشيعة ٣ : ٢٨ وفي ط الحجري : ١٤٣ ، وعنه في مصباح الأصول ٢ : ٣١١ و ٣١٤.
(٤) المائدة : ٣.
(٥) الوسائل ٣ : ٤٠٨ ، باب ٩ من أبواب النجاسات ، ح ٦ ، و ٤ : ٣٤٥ ، باب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١.