الحاصل في وجه وخلاف الفرض في وجه آخر.
فتلخّص (١) من جميع ما مرّ من أنّ المخالفة القطعية لو صادفتها (٢) الموافقة (٣) العملية ، فلا دليل على فسادها كما في التوصّليات ، وإلاّ فلا بدّ من الالتزام أخذا بالأدلّة الدالّة على لزوم اتّباع حكم الله ورسوله.
وأمّا ما ادّعاه صاحب المعالم من إطباق الفرقة على لزوم الأخذ بأحد الحكمين المجمع عليهما إجمالا ، فمحمول على ما ذكرناه فيما لو لم يوافق العمل أحد القولين دائما ، على أنّ الشيخ (٤) حكم بالتخيير الواقعي بين الحكمين ومن المعلوم توافقهما في نفي الثالث وإن كان هو التخيير ، وأمّا دعوى دلالة أخبار التخيير على لزوم الأخذ بمطلق الحكمين المتباينين تخييرا فعهدتها على مدّعيها.
ولو سلّم ، فلا نسلّم فيما وافق أحدهما العمل دائما ، وأمّا بناء العقلاء على لزوم الأخذ ، فمسلّم فيما لا يوافق العمل ، وأمّا الالتزام والاعتناء لا يقضي بذلك فإنّ المحرّم هو عدم المبالاة بالشرع وترك الاعتناء إليه واللزوم على تقدير الموافقة ممنوع.
ثمّ إنّ الإنصاف أنّ الأدلّة المذكورة وإن لم تكن على وجه يعوّل عليها في الحكم كما عرفت من وجوه الضعف فيها إلاّ أنّ المسألة بعد محلّ إشكال ، فلم يرتفع نقاب الشكّ عن وجه المطلوب على ما ينبغي كما لا يخفى ، فتدبّر.
المقام الثاني
[ في التخيير أو الترجيح ]
في أنّ بعد ما قلنا بأنّ الحكم فيما دار الأمر بين المحذورين ليس عدم الحكم والحرج بل لا بدّ من الالتزام ، فهل الحكم هو التخيير بين الوجوب والحرمة ، أو لا بدّ من
__________________
(١) « ج ، م » : فيلخّص.
(٢) « ج ، م » : صادفها.
(٣) « س » : المخالفة.
(٤) عدّة الأصول ٢ : ٦٣٦ ـ ٦٣٧ وعنه في فرائد الأصول ٢ : ١٨٣ ـ ١٨٤.