فيها العقل وهو موجود في زمان الشكّ أيضا ، فلا بدّ من التحلية في تحصيل حكم العقل لو اشتبهت حكمه بواسطة ممازجته بالحجب الوهمانية ، واختلاطه بالأوهام النفسانية فإن حكم بالتعيين ، فهو المتّبع أو بالتخيير فكذلك ، وأمّا الشكّ فلا يتصوّر في أمثال المقام إذ كيف يعقل كون العقل حاكما مع الجهل بموضوع حكمه.
نعم ، يصحّ ذلك فيما لو قلنا بأنّ العقل كاشف عن الحكم الشرعي ، وحيث إنّ الحاكم هو الشرع فيمكن حصول الجهل بموضوع حكمه ، فيحكم العقل بالتعيين فيما لو دار الأمر بينه وبين التخيير وذلك ظاهر ، وسيجيء تفصيله في غير المقام على وجه يندفع به الشكوك والأوهام.
وأمّا في الثالث ، فلأنّ الحكم بالأولوية ممّا لا يجدي في التعيين إذ غاية الأمر هو الحكم بالاستحباب وهو لا ينافي التخيير ، اللهمّ إلاّ أن يدّعى بأنّ العقل لو جرّد النظر عن جميع الخصوصيات المختصّة بالمقام ، يحكم بالوجوب ، وليس ببعيد.
وأمّا في الرابع ، فلأنّ الظاهر منه هو اجتماع الحلال والحرام في شيء واحد على نحو الممازجة ، وكيف ما كان ، فلا يبعد دعوى التعيين في المقام نظرا إلى حكم العقل في الدليل الثالث كما لا يخفى.
المقام الثالث
[ في كون التخيير بدويا أو استمراريا ]
في أنّ بعد القول بالتخيير ، فهل هو بدوي ، أو استمراري؟ قد يقال بالأوّل لوجوه :
أحدها (١) : قاعدة الاشتغال ، وبيانها أنّ الأمر دائر بين التخيير والتعيين وقد أطبق الكلّ على اختيار التعيين دون التخيير.
وثانيها : استصحاب بقاء الحكم في المسألة الفرعية.
__________________
(١) « س » : الأوّل.