بالمخالفة ، وأدونها ما لو احتمل المخالفة لكن مع عدم المبالاة بها ، وأمّا فيما لو احتمل المخالفة ، فيرتكب الفعل عسى (١) أن لا يكون مخالفة ، فلا نسلّم كون الفعل المذكور تجرّيا ، ولو سلّمنا الصغرى ، فلا نسلّم الكبرى إذ لا دليل على أنّ مطلق التجرّي ولو في هذا الفرد حرام ، والعقل لا يزيد حكمه على حرمة الأوليين كما لا يخفى (٢).
وأمّا على ما يراه البعض من لزوم الاحتياط بواسطة الأدلّة الشرعية كالاستصحاب ودليل الاحتياط فيحتمل العقاب وإن صادف الواقع نظرا إلى أنّ الشارع قد جعل في مرحلة الظاهر للشاكّ طريقا إلى الواقع ، فمصادفة الواقع لا يجدي في صدق المخالفة بالنسبة إلى الطريق المجعول الشرعي ، فإنّ قوله : « لا تنقض » نهي عن النقض لليقين بالشكّ ، و (٣) في الصورة المذكورة لم يمتثل المكلّف هذا النهي ، ولا ينافيه عدم تعدّد العقاب فيما لو خالف الواقع إذ لا يعدّ هناك إلاّ مخالفة واحدة للواقع ، وهذا كلام جار في جميع الطرق الظاهرية اجتهادية كانت أو تعبّدية ، كذا أفاد سلّمه الله إلاّ أنّه بعد في إجمال ، فتأمّل.
الثاني :
لا إشكال في عدم لزوم قصد إتيان الجميع عند الإتيان بواحد من المحتملات فيما لو كان (٤) المردّد بين أمرين واجبا توصّليا في الإجزاء وإسقاط الأمر وارتفاع التكليف لعدم (٥) اشتراطه بقصد القربة بل ولا بقصد الفعل ، ولهذا يكتفى بما لو حصل اضطرارا ، وأمّا الثواب والإطاعة ، فلا يحصل في التوصّليات أيضا إلاّ بعد القصد والإرادة مضافا إلى قصد الامتثال أيضا على وجه يكون الداعي للفعل هو الأمر وتحصيل الامتثال.
وأمّا في التعبّديات ـ كما في المثال المذكور من الصلاة الفائتة ـ فلا بدّ من قصد الإتيان بالجميع عند إتيان كلّ واحد من المحتملات على وجه لو لم يقصد ذلك لم يكن
__________________
(١) « س » : على.
(٢) قارن بما سيأتي في ص ٤٦٨.
(٣) « ج ، س » : ـ و.
(٤) « س » : ـ فيما لو كان.
(٥) « ج ، س » : بعدم.