لوجوه :
الأوّل : ظهور الإجماع من العلماء في عدّة موارد من كتاب الأطعمة والأشربة وغيره على ما لا يخفى على المتدرّب في كلماتهم المتتبّع فيها بل لم نجد مصرّحا بجواز المخالفة القطعية في المقام عدى ما يظهر من العلاّمة المجلسي رحمهالله على ما حكاه المحقّق القمّي رحمهالله (١) إلاّ أنّه غير صريح في الدعوى بل ربّما يمكن الاستظهار منه بأنّه إنّما مجرّد تقوية الدليل ، وأمّا الفتوى كما هو الأصل في استكشاف الإجماع ، فلا دلالة في كلامه عليها.
الثاني الأدلّة الدالّة على وجوب الموافقة القطعية كما سترد عليك تفاصيلها فإنّ وجوب الموافقة إنّما هو بعد إحراز عدم المخالفة ، فالدليل عليها قاض به أيضا.
الثالث : ما ذكره بعض الأجلّة (٢) من أنّ فتح هذا الباب يؤدّي إلى رفع العصمة عن الأموال والفروج والدماء لأنّ الاختلاط بين الحلال والحرام جائز ، وبعد الاشتباه ارتكابه أيضا جائز لجواز المخالفة (٣) القطعية ، فيجوز لجماعة اجتمعوا على أرغف مغصوبة إذا وضعوا فيها رغيفا مباحا على وجه حصل الاشتباه بينه وبينها ولو لعارض كالظلمة أن يتناول كلّ واحد منهم رغيفا ، وفيما لو صادفوا امرأة واشتبه على كلّ واحد منهم كونها زوجته ، أو أجنبية أن يحلّ لهم وطيها على التعاقب مع تخلّل العدّة إن كانت من ذواتها ، وإلاّ فبدونها (٤) ، وفيما لو صادف (٥) جماعة من المسلمين فيهم رجل مباح الدم [ واشتبه بينهم ولو لعارض ](٦) أن يجوز لكلّ واحد أن يباشر قتل واحد منهم بل وذلك سار فيما لو أراد وطي الأجنبية ، أو قتل المسلم ، أو أكل مال
__________________
(١) القوانين ٢ : ٢٧ ؛ الأربعون حديثا : ٥٨٢.
(٢) الفصول : ٣٦٢.
(٣) « س » : الموافقة ، وهو غلط.
(٤) بعدها في المصدر : ولو بطريق الاجتماع بقدر الإمكان وإن حرم عليها تمكين نفسها لغير واحد منهم مع تمكّنها.
(٥) في المصدر : صادفوا.
(٦) ما بين المعقوفين من المصدر.