الشبهات البدوية ، وعدمه كما فيها يرجع الشكّ إلى نفس التكليف في الاحتياط وعدمه ، والأصل البراءة من الاحتياط ووجوبه ، وهذا لا ينافي كون الكلام في الشبهة الموضوعية التي لا يؤول الأمر فيها (١) إلى اشتباه في الحكم إذ المقصود بيان حكمها ، وفيما لو اشتبه حكم الموضوع شرعا يصير الشكّ شكّا حكميا وإن كان موضوع هذا الحكم المشتبه هو الموضوع المشتبه وذلك ظاهر إلاّ أنّه لا يتمّ إلاّ بعد التصرّف في الأدلّة الواقعية ، وإلاّ فمع بقائها بحالها يستقلّ العقل بوجوب الامتثال بالاحتياط ، وذلك التصرّف إمّا بالقول بوضع الألفاظ للمعاني المعلومة ، أو بانصرافها إليها مطلقا ، أو حيثما كان في حيّز الطلب والتكليف عرفا أو عقلا (٢).
الثاني الأخبار الدالّة على جواز الارتكاب في الشبهات الموضوعية عموما كما مرّ وخصوصا كقوله : « كلّ شيء [ يكون فيه حرام وحلال فهو ] لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه » (٣) والأخبار الواردة في هذا المضمار على ما ادّعاه البعض (٤) فوق حدّ الاستفاضة.
والجواب : أمّا عن الأوّل ، فبأنّ التصرّف في الأدلّة الواقعية يقع على وجوه :
أحدها : أن يقال : إنّ الحكم بوجوب الاجتناب عن الخمر الواقعي إنّما هو مقيّد بصورة العلم بنفس الحكم على وجه لا مدخل للتقييد (٥) في موضوع الحكم ، ولا في حال من حالات المكلّف ، ومن الظاهر فساده ؛ ضرورة توقّف العلم على المعلوم السابق منه ليصحّ تعلّقه به ، فلو كان له مدخل في تحقّقه ، لكان دورا صريحا ، فلا يعقل اعتبار العلم في نفس الحكم.
الثاني : أن يقال : إنّ موضوع الحكم مقيّد بالعلم بمعنى أنّ الخمر مطلقا ليس ممّا يجب الاجتناب عنه ، وإنّما يجب إذا كان معلوما فحيث لم يكن معلوما ، فلا يكون حراما.
__________________
(١) « س » : فيه.
(٢) « ج » : عقلا أو عرفا.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٥٩.
(٤) انظر القوانين ٢ : ٢٦.
(٥) « م » : للتقيّد.