وثانيا : فالحرمة في المزجيات ليست (١) باعتبار غلبة جانب الحرام الحلال عند العلم بحرمة أحد المختلطين إجمالا بل بواسطة عنوان تفصيلي آخر وهو حصول الشركة أو النجاسة القطعية فإنّهم قد عدّوا من أسباب الشركة المزج اختيارا أو اضطرارا ، وبعد حصولها يحرم التصرّف بواسطة حصول الإشاعة ولا مدخل للحرام فيها كما لا يخفى.
وأمّا ما يقال : من معارضة الخبر بمثله بتقديم الحرام على الحلال كما عن بعض الأعاظم من الأواخر (٢) ، فمدفوع بأنّ أمثال هذه الأخبار ممّا لا تعويل عليها إلاّ فيما عاضده العمل على وجه يحصل الاطمئنان بسندها ودلالتها ، والأوّل كذلك لاستناد العلاّمة (٣) إليه في بعض الموارد بخلاف الثاني ، فلا بدّ من حمله على وجه لا ينافي الأوّل كأن يحمل على نصب الحلال على أن يكون مفعولا (٤) ورفع الحرام (٥).
ومنها : النبويّ صلىاللهعليهوآله : « اتركوا ما لا بأس به حذرا ممّا به البأس » (٦).
واستند إليه ابن إدريس (٧) في مقام وجوب الاحتياط في قضاء صلاة (٨) الفائتة ، ودلالته على لزوم ترك المباح الواقعي مقدّمة لترك الحرام ظاهرة.
ومنها : خبر سماعة عن الصادق عليهالسلام في رجل معه إناءان [ فيهما ماء ] وقع في
__________________
(١) « س » : ليس.
(٢) نقل في مفاتيح الأصول : ٧٠٨ عن جملة كتب ثمّ قال : وفي غاية المأمول : هذا هو المشهور وعليه الجمهور ، وفي الأحكام : ذهب إليه الأكثر كأصحابنا.
(٣) مختلف الشيعة ٧ : ٩.
(٤) في النسخ : معقولا!
(٥) نسب ذلك إلى المحقّق الأردبيلي في بحار الأنوار ٦٢ : ١٤٤.
(٦) بحار الأنوار ٧٤ : ١٦٤ / ١٩٢ نقلا عن تحف العقول : ٦٠ ، وفيه : لا يبلغ عبد أن يكون من المتقين حتّى يدع ما لا بأس به حذرا لما به البأس. وفي مستدرك الوسائل ١١ : ٢٦٧ ، باب ٢٠ ، ح ١٨ : إنّما سمّي المتقون المتقين لتركهم عمّا لا بأس به ، حذرا مما به البأس.
قال المحقّق الحلّي في الرسائل التسع : ١٢٧ بعد نقل كلام المستدل بهذه الرواية : إنّا لا نعرفها والجمهور قد أنكرها أكثرهم ، قال صاحب كتاب البحر : لا أصل لهذه الرواية.
(٧) لم أجده في السرائر.
(٨) كذا. والظاهر : الصلاة.