ثمّ إنّ هاهنا قولا ثالثا وهو تعيين الحرام بالقرعة نظرا إلى خصوص الرواية المذكورة وعموم قوله : « كلّ أمر مجهول ففيه القرعة » (١).
أمّا الجواب عن الرواية الخاصّة ، فبأنّها قضية في واقعة خاصّة يعمل بها في مواردها ولا عموم فيها حتّى تنهض بإثبات القاعدة.
وأمّا الجواب عن عمومات القرعة ، فقد يستفاد من بعضهم رميها بضعف السند.
وليس في محلّه لانجبار سندها بالعمل ، ولا يعقل ضعفها في مورد دون مورد أيضا.
وقد يقال بعموم موردها بالنسبة إلى موارد الأصول (٢) فإنّها لكلّ ما فيه الاشتباه سواء كان هناك علم سابق بالتكليف ، أو كان الشكّ فيه ، أو غير ذلك من موارد الأصول العملية الأربعة بخلاف موارد الأصول لاختصاص كلّ واحد منها بمورده فيخصّص عموم أدلّة القرعة بأدلّة هذه الأصول الخاصّة.
وضعفه أيضا واضح لاستلزامه تخصيص الأكثر بل يوجب (٣) تخصيص العامّ بالفرد الأندر ولا يصار إليه.
وقد يقال بحكومة أدلّة الأصول على أدلّة القرعة لأنّها لكلّ ما فيه الاشتباه وبإعمال الأصول يرتفع الاشتباه.
وفيه : أنّ القضية معكوسة لأنّ المستفاد من أخبارها هو كونه طريقا إلى الواقع كما في البيّنة ونحوها ، فلا ينبغي توهّم ورود مثل الأصول عليها ، وستعرف لذلك زيادة تحقيق إن شاء الله.
والتحقيق أنّ من أمعن النظر في أمثال هذه الروايات ممّا لم يستقرّ عمل الطائفة على الأخذ بها في كلّ ما يظهر أنّه من مواردها كأخبار نفي الضرر ، يجد من نفسه ما يمنعه عن كونها مفيدة لقاعدة كلّية منضبطة سارية في تمام مواردها إلاّ ما قام الدليل على
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ و ٢٦٢ ، باب ١٣ من أبواب كيفية الحكم ، ح ١١ و ١٨.
(٢) « م » : الأصول العملية.
(٣) « م » : توجب.