تخصيصها فكأنّها تقضي بأنّها طريق الواقع في ضمن موارد مخصوصة معهودة يستكشف عنها بعمل جملة من أرباب الصناعة على وجه يحصل الاطمئنان والسكون فإنّ الشارع إنّما نفى الضرر في جملة موارد يستعلم بعمل الأصحاب منها ، وإلاّ فلو بنينا على العمل بمفاد أمثال هذه العمومات ، لزم تجديد الفقه عن أصله كما نبّه عليه بعض الأفاضل (١) سيّما فيما لو قلنا بعمومها للأحكام أيضا.
والقول بالعموم وخروج ما خصّص فيه بشاعة يأباه الذوق السليم وإن قلنا بجواز تخصيص الأكثر.
والحاصل فحيث إنّ أخبار القرعة غير معمول بها في المقام فنحن لا نجترئ على العمل بها ، وإلاّ فكان القول بها قويّا جدّا.
ثمّ إنّ هاهنا أخبارا أخر بظاهرها تدلّ على عدم وجوب الاجتناب عند العلم الإجمالي على ما زعمه بعضهم (٢) مثل ما يدلّ على جواز شراء ما في يد السارق والعشّار (٣) ونحو ذلك من وجوب إخراج الخمس في ما اختلط بالحرام ، ولا بدّ من حملها على وجه لا ينافي ما ذكرناه ، وكثير منها ممّا لا يأبى ذلك كأن يحمل على جوازه فيما لو دلّ الدليل الشرعي عليه كما إذا كان تحت أيدي المسلمين ونحو ذلك ، وليس ما ذكرنا بعيدا فإنّ كلمات بعض الأصحاب كظاهر بعض الأخبار توهم (٤) عدم وجوب الامتثال عند العلم التفصيلي أيضا كما أشرنا إليه في بعض المباحث السالفة (٥) من مباحث الظنّ.
__________________
(١) انظر عوائد الأيّام : ٦٥٩ ، عائدة ٦٢.
(٢) كالقمي في القوانين ٢ : ٢٦ ـ ٢٧.
(٣) انظر الوسائل ١٧ : ٢١٨ ، باب ٥٢ في جواز شراء ما يأخذ الظالم من الغلاّت باسم المقاسمة ومن الأموال باسم الخراج ومن الأنعام باسم الزكاة.
(٤) « ج » : يوهم.
(٥) « ج ، م » : السابقة.