والتجرّي في هذا القسم يمتنع (١) أن يكون موجبا للعقاب لعدم مدخلية نفس الفعل في الذمّ على أنّ صدق عنوان التجرّي على المرتكب لواحد (٢) من الإناءين لا بعنوان الوصول إلى الحرام كما في المقدّمات العلمية أوّل الكلام إذ غاية ما يسلّم هناك صدقه فيما لو أتى بالفعل جازما بأنّه هو الفعل المحرّم سواء كان عنادا أو لا ، وقد مرّ تفصيله بما لا مزيد عليه في بعض مباحث العلم (٣).
الثاني :
قد تقرّر في مباحث الألفاظ أنّ بين الأوامر والنواهي فرقا من جهة أنّ المطلوب في الثاني هو ترك الفعل المنهيّ عنه وإن لم يكن مقصودا ، بخلاف الأوّل فإنّها وإن لم يكن الأصل فيها أن يكون على وجه التعبّد كما زعمه جملة منهم إلاّ أنّ المطلوب فيها ولو لدليل خارجي التعبّد بها (٤) ، فلا بدّ في الامتثال من قصد القربة.
مضافا إلى قصد عنوان الفعل الواجب على أن يكون الفعل بعنوانه المأمور به اختياريا كما مرّت إليه الإشارة في نظير المقام ، وذلك بخلاف النهي فإنّ المناهي كلّها توصّليات والامتثال وإن كان لا يصدق فيها أيضا إلاّ إذا كان الترك مقصودا لكنّ الترك مطلقا مسقط للنهي (٥) كما في الأوامر التوصّلية أيضا (٦) ، فعلى هذا لو ترك المكلّف أحد أطراف الشبهة قاصدا فعل الآخر واتّفق عدم ارتكابه لذلك الآخر أجزأ عن ترك الحرام لحصول المقصود فيما لو صادف الترك الحرام وإن كان لا يثاب عليه فإنّ عدم الثواب على الترك لا يلازم العقاب على المخالفة ، وذلك (٧) بخلاف الشبهة الوجوبية ، فقد عرفت لزوم القصد بالنسبة إلى الامتثال بالطرف الآخر عند إتيانه (٨) بالطرف الأوّل.
__________________
(١) « ج ، م » : يمنع.
(٢) « م » : بواحد!
(٣) مرّ تفصيله في ص ١١.
(٤) « س » : + زعم.
(٥) « م » : للمنهي.
(٦) « س » : ـ أيضا.
(٧) « س » : ـ وذلك.
(٨) « س » : إثباته!