المحصورة لأنّ التالف بمنزلة المتروك امتثالا ، وعدمه نظرا إلى رجوع الشبهة وانقلابها إلى الشبهة البدوية ولا مدخلية لحصول العلم قبل التعذّر وبعده ، وجهان :
أقربهما : الأوّل كما أفاده الأستاذ دام علاه ولعلّ وجهه أنّ البناء على مثل ذلك في الحكم بعدم وجوب الاجتناب يوجب هدم أساس القول به إذ بعد الامتثال بترك واحد من الأطراف في المقام أو بفعله في نظيره ينقلب الشبهة بالنسبة إلى الباقي شبهة بدوية ، والمفروض أنّ العقل حكم بلزوم الاجتناب عن الجميع أوّلا ، وأمّا الحكم بعدم وجوب الاجتناب فيما لو حصل العلم الإجمالي بعد التعذّر ، فلأنّ العقل لا حكم له قبل العلم وبعده فالشبهة بدوية.
وكيف كان ، فلا بدّ من التأمّل التامّ في أمثال المقام كي لا يشتبه عليك المرام فإنّ الكلام متشابه الأطراف ، ولعلّك بعد التأمّل فيما تقدّم في الشبهة الوجوبية الموضوعية ـ من التفصيل بين ما لو كان التعذّر عقليا ، أو غير ذلك ـ تقدر على جريانه فيما نحن بصدده وإن كان ذلك ممّا لا يخلو عن شيء لا يخفى وجهه ، وكان ذلك هو الوجه في عدم تعرّض الأستاذ دامت إفاداته له في المقام ، والحمد لله أوّلا وآخرا ، وظاهرا وباطنا ، وله الشكر على ما أنعمنا من نعمه المتوالية ، وآلائه المتواترة.
الرابع :
قد عرفت فيما سبق أنّ الوجه في اختيارنا لزوم الاجتناب في الشبهة المحصورة هو بقاء أدلّة الواقع بحالها وعدم التصرّف بتقييد وتخصيص فيها والحكم بوجوب الامتثال عند العلم بوجود المكلّف به يترك (١) الكلّ نظرا إلى وجوب مقدّمة الواجب فلا بدّ فيه من الاقتصار على ما يقتضيه قاعدة المقدّمية ، ولا شكّ أنّ قضية المقدّمية لا تزيد على تسرية الحكم التكليفي وهو وجوب الاجتناب.
وأمّا الحكم الوضعي ، فلا مدخل للمقدّمية فيه ، مثلا لو أمر المولى بإكرام العالم
__________________
(١) « م » : بترك.