واشتبه بين أشخاص محصورة فإنّ وجوب إكرام العالم يقضي (١) بوجوب إكرام الأفراد المشتبهة ، ولا يقضي بأن يكون تلك الأفراد عالمين كما لا يخفى ، وكذا وجوب الاجتناب عن الخمر الواقعي (٢) يوجب الاجتناب (٣) عمّا اشتبه به الخمر ، ولا يدلّ على خمرية الأفراد المشتبهة ، وهكذا وجوب الاجتناب عن النجس لا يقضي بنجاسة الأفراد المشتبهة ، وإنّما يوجب وجوب الاجتناب عنها ، فعلى ما ذكرنا يظهر غاية الظهور عدم نجاسة الملاقي بأحد (٤) الإناءين المشتبهين فإنّ غاية الأمر وجوب الاجتناب وهو حكم تكليفي لا دخل فيه بالنجاسة التي هي من الأحكام الوضعية ، ونجاسة الملاقي إنّما تترتّب على نجاسة الإناءين لا على وجوب الاجتناب عنهما.
وقد يظهر من المحدّث البحراني (٥) القول بنجاسة الملاقي تبعا لما يظهر من كلام العلاّمة (٦) في بعض كتبه استنادا إلى ظواهر الأخبار الآمرة بالإهراق في الإناءين نظرا إلى دعوى استفادة نجاسة كلّ منهما من الأمر بالإهراق مع إمكان صحّة الوضوء كأن يتوضّأ أوّلا من أحدهما ، ثمّ يطهّر محالّ الوضوء فيتوضّأ ثانيا من الآخر ، ثمّ يطهّر ثانيا ، فيصلّي فإنّ أحد الوضوءين في الصورة المفروضة يقع صحيحا بلا إشكال ، فالأمر بالإهراق لا يتمّ إلاّ على القول بنجاسة الجميع عند الاشتباه.
مضافا إلى أنّ الملاقي إنّما هو بمنزلة الملاقى ، فلو انضمّ إلى الأصلين كانت الشبهة مردّدة بين ثلاثة فهو كأحد أطراف الشبهة ؛ لأنّ العلم الإجمالي إنّما هو موجود بين الثلاثة ، غاية الأمر أنّ أحدها يتبع الآخر في الحكم بلزوم الاجتناب.
وكلا الوجهين ضعيف :
__________________
(١) « ج » : يقتضي وكذا في الموردين الآتيين.
(٢) « ج ، م » : الحقيقي.
(٣) « س » : اجتناب الاجتناب!
(٤) « ج » : لأحد.
(٥) الحدائق ١ : ٥١٤ ـ ٥١٥ ونقل البحراني كلام العلاّمة في ص ٥١٢.
(٦) منتهى المطلب ١ : ١٧٨ ، وفي ط الحجري ١ : ٣٠ وعنه في رسائل الكركى ٢ : ٦٠ ومدارك الأحكام ١ : ١٠٨ ومشارق الشموس : ٢٨٢ وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ١ : ٢٨٣.