دون الآخر ترجيح بلا مرجّح فيما لو كان معيّنا ، ولا جدوى فيه فيما لو كان غير معيّن من غير فرق بين المقام والمتباينين إلاّ أنّ (١) الاحتياط في المقام في فعل الأكثر فقط من غير حاجة إلى فعل الأقلّ مرّة ثانية بخلاف المتباينين.
والجواب باختيار (٢) كلّ من الشقّين.
فأوّلا (٣) : نختار جريان البراءة في الجزء ، قولك : لا يمكن جريان البراءة في الجزء من حيث الحكم الوضعي مسلّم ، لعدم مجعوليته عندنا ، وأمّا عدم إمكان جريانها من حيث الحكم التكليفي ، فغير مسلّم ؛ إذ لا معنى لأدلّة البراءة إلاّ رفع الضيق وإثبات السعة ، ولا شكّ في أنّ في فعل الجزء ضيقا ، فعند عدم العلم به ، فهو مرفوع كما لا يخفى ، ولا يثمر في ذلك رجوعه إلى نفي الكلّ ، فإنّ هذا هو بعينه معنى وجوبه الغيري ، ولا يدّعي أحد أنّ الجزء واجب (٤) نفسي ، وقد عرفت أيضا تساوي نسبة أدلّة البراءة إليهما (٥) كما مرّ (٦).
وثانيا : نختار جريان البراءة في الكلّ والأكثر ، وأمّا قولك : وهو معارض بأصالة البراءة عن الأقلّ سقطة (٧) واشتباه ، بيان ذلك أنّه قد مرّ في بعض الشبهات في الشبهة المحصورة عدم اعتبار العلم الإجمالي الواقع بين شيئين فيما إذا كان المعلوم (٨) الإجمالي معلوما تفصيليا (٩) في أحد الطرفين من جهة أخرى ؛ لرجوع الشكّ فيه إلى الشبهة البدوية كما إذا علمنا بنجاسة إناء مخصوص كأن علمنا بأنّه بول ، ثمّ علمنا بعد ذلك إجمالا بوقوع نجاسة أخرى في أحد الإناءين على وجه لا يختلف حكمها حكم البول في كيفية الطهارة. والوجه فيه ظاهر ، وما نحن فيه من هذا القبيل إذ وجوب الأقلّ
__________________
(١) في النسخ : إلاّ أنّ في أنّ!
(٢) في النسخ : فاختيار.
(٣) كذا في النسخ ولعلّ الأولى في العبارة : نختار كلاّ.
(٤) « س » : الواجب!
(٥) « س ، ج » : فيهما.
(٦) مرّ في ص ٥٢٣.
(٧) « م » : سفسطة. والسقطة : العثرة والزلّة ( الصحاح ٢ : ١١٣٢ ).
(٨) « س » : العلم.
(٩) « س » : تفصيلا.