بعد الإتيان بالمأمور به فيما شكّ أنّه منه بخلاف ما نحن فيه ، إذ (١) ليس هاهنا (٢) إلاّ لفظ الصلاة و (٣) المفروض إجماله ، فليس على المكلّف إلاّ إتيان ذوات الأجزاء المعلومة ، والأصل يجري في المشكوك من غير معارضة وهو المطلوب.
لا يقال : إنّا نعلم أنّ الشارع أراد من قوله : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) معنى قطعا ، فلا بدّ من تحصيل مراده ، ولا يحصل إلاّ بالإتيان بالمشكوك.
لأنّا نقول : قد عرفت أنّ ما علم وجوبه هو نفس ذوات الأجزاء من التكبير والفاتحة والركوع ونحوها ، وإرادة الشارع من لفظ الصلاة شيئا لا يوجب تحصيل المشكوك بعد عدم توقّف صدق عنوان عليه ، وأمّا عنوان المراد به كالمأمور به ونحوه ، فهي ممّا ينتزعه العقل ، وليست (٤) ممّا اعتبره الشارع في أمره وطلبه كما مرّ ، فاللفظ في المقام كالإجماع والإلهام كما لا يخفى.
ونظير الكلام في المقام ما قدّمناه في بعض مباحث الخاصّ والعامّ من أنّه لو خصّ العامّ بمفهوم كلا تكرم الفسّاق بعد قوله : « أكرم العلماء » وشكّ في فسق زيد العالم ، [ فـ ] ـلا بدّ من إحراز المخصّص ، ولا يجوز تحكيم العامّ بخلاف ما إذا كان المخصّص ذات (٥) معلومة ، وشكّ في خروج شخص آخر (٦) من العامّ فإنّه لا مناص من العمل بالعامّ وتحكيمه كما لا يخفى ، فتدبّر.
هذا تمام الكلام في جريان الأصل بالنسبة إلى الأجزاء ، وقد يؤيّد ذلك ببناء العقلاء ، وكان ذلك هو حكم العقل بقبح العقاب عند الشكّ في التكليف كما قلنا أوّلا بحكومة أدلّة البراءة عقلا ونقلا على قاعدة الاشتغال ، وكيف كان فقد قرّر بأنّ العبد لو شكّ في جزء من الماهيّة المطلوبة منه للمولى ، واستفرغ وسعه ، وبذل جهده في
__________________
(١) « س » : إلاّ!
(٢) « م » : هنا.
(٣) « س » : « إذ » بدل : « و».
(٤) « س » : ليس.
(٥) كذا.
(٦) « س » : + شخص آخر!