المصالح المرتّبة على الأفعال الراجعة إلى الموالي ، أو إلى العبيد كما في مجرّد أوامر الطبيب أو الموالي ، فلا محالة بناؤهم على الاحتياط كيف؟ ولو كان الأمر على إحراز المصالح ودفع المفاسد مع قطع النظر عن جهة التعبّد ، لكان بناء السفهاء أيضا على الاحتياط فضلا عن العقلاء إلاّ أنّ الكلام في موارد البراءة والاشتغال إنّما هو (١) في مجرّد العقاب وعدمه مع قطع النظر عن المصالح فإنّ من الواضح عدم صلاحية البراءة لإحراز المصالح كما لا يخفى ، ولذلك لو فرضنا أنّ المولى أراد امتحان عبده ، وأمره بمعجون كذائي ، وسعى في تحصيل العلم بأجزائه غايته ، ورقى في كشف حقيقته نهايته ، ولم يأل جهدا في الفحص عنه من غير شوب تحصيل فائدة منه ، لم يصحّ من المولى عندهم العقاب عليه قطعا كما هو واضح بالتأمّل ولو قليلا.
فإن قلت : إنّ الإتيان بالأقلّ لا يوجب البراءة عن التكليف لعدم العلم بكونه مأمورا به ، فلا يمكن قصد التقرّب ؛ إذ لا بدّ فيه من تعيين المأمور به.
قلت أوّلا : قد عرفت أنّ الأصل يعيّن أنّ الأقلّ هو المأمور به ؛ إذ الأقلّ هو الأجزاء بشرط عدم وجوب الغير وهو ثابت ، أمّا وجوب العشرة المعلومة مثلا ، فبالفرض ، وأمّا نفي وجوب المشكوك ، فبالأصل.
وأمّا ثانيا : أنّ تعيين (٢) المأمور به في المقام إنّما هو من حيث عدم العلم بأنّ تلك الأجزاء واجبة نفسية ، أو غيرية فقط ؛ إذ المفروض جهل المكلّف إنّما هو بهذه الحيثية ، ولا دليل على وجوب تعيين هذه الجهة لصدق الامتثال مع الجهل والإتيان وهو المدار في أمثال المقام.
واحتجّ القائل بالاشتغال بوجوه
منها : ما عرفت (٣) من بناء العقلاء مع جوابه.
ومنها : أخبار الاحتياط كما في جزاء الصيد والعدّة وعمومات الاحتياط (٤).
__________________
(١) « م » : ـ هو.
(٢) « م » : تعيّن وكذا في المورد الآتي.
(٣) عرفت في الصفحة السابقة.
(٤) تقدّم في ص ٥٠٦ ـ ٥٠٨.