شكّ في الوضوء ، لم يكن من الشكّ بعد الفراغ في شيء ؛ لبقاء محلّه فإنّه لو كان الشرط هو نفس تلك الأفعال ، فلا ينبغي الارتياب في مضيّ محلّه ، وإنّما يصحّ ذلك فيما لو قلنا بأنّ تلك الأفعال سبب للشرط ، وللحالة (١) المقارنة للمشروط لحصولها بها إلاّ أن يقال : إنّ سبق السبب يكفي في سبق المسبّب ، فبعد مضيّ زمان السبب وإن لم يمض زمان المسبّب إلاّ أنّه يعدّ في العرف من الشكّ بعد مضيّ زمانه كما لا يخفى.
وإذ قد عرفت الفرق بين الأجزاء والشرائط ، فيحتمل أن يقال : إنّ الجزء حيث كان ممّا يحتاج إلى عمل خارج عن سائر الأجزاء ، فلو شكّ فيه ، كان أصل البراءة محكّما بخلاف الشرط ؛ فإنّ الشرط ليس عملا حتّى يجري فيه البراءة إلاّ أنّ هذا الاحتمال في غاية السخافة ؛ فإنّ الشرط وإن لم يكن بنفسه عملا بل هو عبارة عن الحالة المقارنة إلاّ أنّ سببه عمل (٢) خارجي ، وأدلّة أصل البراءة ممّا لا تخصيص فيها ، فكلّ ما كان المكلّف لأجله في ضيق ، فتلك الأدلّة حاكمة بالسعة فيه ولو كان من أسباب الشروط ، ولا شكّ أنّ الأسباب التي تستند إليها الشروط إنّما هي أعمال خارجية كتحصيل الماء ونفس الأفعال والاستقبال ونحو ذلك ، فكما أنّ الأجزاء وجوبها مدفوع بالأصل ، فكذا الشرائط.
نعم ، للخبير أن يستشكل في مثل القيود المنضمّة إلى المطلقات كالإيمان في الرقبة والبياض فيها ، فإنّها لا تحتاج (٣) إلى زيادة عمل في الخارج بخلاف الشرائط ، فهل فيما
__________________
الالتفات ، فلا اعتبار بالشكّ في الوقت والقبلة واللباس والطهارة بأقسامها والاستقرار ونحوها بعد الدخول في الغاية ولا فرق بين الوضوء وغيره. انتهى.
وما أبعد ما بينه وبين ما ذكره بعض الأصحاب كصاحب المدارك [ في المدارك ٨ : ١٤١ ] وكاشف اللثام [ في كشف اللثام ٥ : ٤١١ ] من اعتبار الشكّ في الشرط حتّى بعد الفراغ عن المشروط ، فأوجب إعادة المشروط. انظر فرائد الأصول ٣ : ٣٣٩ و ٣١٣.
(١) « ج » : ـ وللحالة.
(٢) « س » : أنّ عمله سبب.
(٣) في النسخ : لا يحتاج.