على وجوب الصلاة بإطلاقه موجود ، فلا بدّ من امتثاله.
فإن قلت : إنّ غاية ما يستفاد ممّا دلّ على اعتبار السورة مثلا في الصلاة هو اعتبارها حال الذكر والعلم ، وأمّا عند النسيان والسهو فلا دليل على اعتبارها فيها ، فلا نسلّم أنّ الامتثال الواقعي في الصلاة يتوقّف على الإتيان بالصلاة مع السورة ؛ لرجوع الكلام في المقام إلى جزئية السورة في حقّ الناسي (١) وهو بعينه الكلام فيما إذا شكّ في جزئية شيء ، وقد عرفت أنّ التحقيق هو القول بالبراءة ، هذا إذا قلنا باختلاف أحكام الناسي والذاكر قطعا ، ولا أقلّ من الشكّ فيه ، ومعه يتمّ المطلوب أيضا ؛ إذ الشكّ في الجزئية مع هذا أيضا باق ، والأصل البراءة لا يختلف في ذلك اختلاف أسباب الشكّ كما لا يخفى.
قلت : ما ذكر يتوقّف على أن يكون الناسي والذاكر موضوعين مستقلّين كأن يكون أحدهما في عرض الآخر كالحاضر والمسافر ، وليس كذلك ؛ فإنّ المستفاد من أدلّة النسيان غايته معذورية الناسي كما في صورة الجهل ، فإطلاق الأمر الدالّ على وجوب الجزء حال النسيان أيضا بحاله ، فيجب الإعادة بعد الذكر.
والسرّ فيه : أنّ النسيان وإن خالف الجهل في بعض الوجوه إلاّ أنّ الذكر هو عين العلم ، وقد مرّ أنّ العلم لا يكون مناطا (٢) لاختلاف الأحكام كما في بعض الصفات.
وربّما يقال : إنّ المسألة تبتني (٣) على أنّ الأمر العقلي الظاهري هل يفيد الإجزاء (٤) ، أو لا؟ فعلى الأوّل يقال بعدم الركنية ؛ لأنّ الأمر بالإتيان في حال النسيان مجز ، فلا يجب الإعادة ، وعلى القول بعدم الإجزاء فالأصل الركنية ، وحيث إنّ القائل ممّن يرى الإجزاء في الأمر الظاهري العقلي (٥) ، فجزم بالأوّل.
__________________
(١) « س » : العامي.
(٢) « س ، م » : مناط!
(٣) « س ، م » : يبتني ، « ج » : تبنى.
(٤) « ج ، س » : الإحراز.
(٥) « س » : الفعلي!