وهذا تمام الكلام في مقتضى الأصل الأوّلي ، وهل في المقام أصل ثانوي يفيد صحّة العبادة عند النقيصة السهوية ، أو لا؟ الأقرب : نعم ؛ لاستصحاب الصحّة على ما استند إليه جملة من الأصحاب إلاّ أنّك قد عرفت (١) عدم اتّجاهه سابقا ، وسيجيء (٢) تفصيله بما لا مزيد عليه في مقامه لا حقا إن شاء الله ، ولقوله صلىاللهعليهوآله : « رفع عن أمّتي تسعة » (٣) وعدّ منها النسيان.
والتقريب في ذلك يحتاج إلى تمهيد ، فنقول : لا شكّ في وجود نفس النسيان وذاته في الأمّة ، فرفع النسيان لا بدّ وأن يحمل على رفع أحكامه فإنّ رفع الذات عن مجموع الأمّة ـ كما يراه مخالفونا (٤) عند الاحتجاج بمثله للإجماع على أن يكون المجموع معصوما واحدا ـ خلاف الظاهر كما يظهر من رفع الاستكراه وما لا يطيقون ، كما هو كذلك فيما لو حمل على نفي الذات باعتبار اشتمال الأمّة في كلّ زمان على معصوم كما هو الحقّ عندنا معاشر الإمامية ، وحمل الإكراه حينئذ على معنى آخر بعيد عن مساق الرواية.
مضافا إلى أنّ الامتنان (٥) حينئذ غير معقول لوجود المعصوم في جميع الأمم في كلّ الأعصار كما هو المحقّق عند أهل التحقيق ، فيجب الحمل على رفع الأحكام ، وحينئذ فإمّا أن يراد به تمام الأحكام والآثار المترتّبة على ذات الفعل مع قطع النظر عن الخطأ ، أو بعضها ، لا سبيل إلى الثاني ؛ لعدم مخصّص له ، ودعوى ظهور المؤاخذة ممنوعة ولا سيّما بحيث يمنع عن إرادة الباقي ، فتعيّن الأوّل إمّا لأنّ الظاهر عند عدم ظهور واحد من الأحكام هو الجميع كما يساعده العرف ، أو لأنّ رفع جميع الأحكام أقرب إلى نفي الماهية ، وحيث تعذّرت الحقيقة فأقرب المجازات متعيّن (٦) ، أو لأنّ التخصيص بواحد (٧)
__________________
(١) عرفت في ص ٥٤٥ ـ ٥٤٦.
(٢) لعلّ مراده في الصورة الثالثة في الزيادة سهوا ولم يكمل البحث.
(٣) الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ١ وتقدّم في ص ٣٥٥.
(٤) في النسخ : مخالفينا.
(٥) « س ، م » : الامتثال.
(٦) « س » : معيّن.
(٧) « ج » : بوجه!