دعوى الإجماع على جواز الأخذ بالاحتياط موافقا للقاعدة المزبورة في المعاملات كما في صيغ البيع وشروطه والنكاح وغير ذلك ، وعليه بناء جملة من الصلحاء في آدابهم ومعاشرتهم.
وأمّا العبادات الغير المتكرّرة كما إذا شكّ في جزئية السورة للصلاة (١) أو الإمساك عن الغبار الغليظ للصوم ، فالمشهور على ما حكاه (٢) الاستاذ على وجوب الفحص فيما لو يمكن من تحصيل العلم بالمعنى الأعمّ بل والظنّ المطلق أيضا على القول به ، ومبناهم في ذلك لزوم قصد الوجه المفقود عند الاحتياط ، وحيث قد عرفت ما قدّمنا لك من التحقيق في مقامه من عدم وجوب قصد الوجه ، فلا مجال للقول المذكور بعد صدق الامتثال عند العقلاء في الامتثال الإجمالي.
نعم ، يمكن أن يقال في المقام انتصارا للمشهور بعد ما هو التحقيق عندنا من أنّ الإطاعة ليست من قيود المأمور به ووجوهه ؛ لاستلزامه الدور بل هي (٣) من دواعي الأمر : إنّ محصّل الكلام في المقام يرجع إلى كفاية الامتثال الإجمالي في العبادات وعدمها ، فعلى الأوّل يحكم بفساد عبادة تارك الطريقين كما زعمه جماعة (٤) ، وعلى الثاني يحكم بصحّتها وحينئذ نقول : الأصل يقضي (٥) بالأوّل ، لأنّ المقام من الشكّ في المكلّف به حيث إنّا لا نعلم بسقوط التكليف إلاّ عند الامتثال التفصيلي ، ولمّا أنّ (٦) الإطاعة ليست من القيود ، فلا يمكن دفعها بأصالة البراءة ، فالأصل بقاء غرض الأمر وعدم
__________________
(١) « م » : بعد الصلاة!
(٢) « ج ، م » : حكاها.
(٣) « ج ، س » : هو.
(٤) ذهب إليه الشهيد الأوّل في الألفية والنفلية : ٣٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان ٢ : ٦٦٣ ، وفي ط الحجري : ٢٤٨ والقمّي في القوانين ٢ : ١٤٠ ونسبه إلى المشهور من فقهائنا ، ونسب إلى المشهور أيضا النراقي في المناهج : ٣١٧ وشريف العلماء كما في تقريراته للفاضل الأردكاني ( مخطوط ) : ٣٥. انظر ص ٣٤.
(٥) في النسخ : يقتضي.
(٦) « ج » : كان!