شيئا عدا ما عرفه من طريقة آبائه.
وأمّا المحتاط ، فليس منهم لانتهاء عمله إلى الاجتهاد فإنّا لا نضايق من القول بلزوم الفحص إمّا في المسألة الأصوليّة ، أو المسائل الفرعيّة ، فيحصل من جميع ما ذكرنا أنّ جريان الاشتغال والأخذ بالاحتياط مشروط بأحد أمرين ـ سواء كان في العبادات ، أو المعاملات ـ : إمّا الفحص (١) في خصوص جزئيات المسائل الواردة على المكلّف في مقام العمل كما يراه المشهور في العبادات ، وإمّا الفحص في هذه المسألة الكلّية المبحوث عنها عن لزوم الفحص ، وتحصيل الاعتقاد اجتهادا بكفاية الاحتياط وعدم كفايته ، أو تقليدا كذلك ، فيحكم بفساد عبادة من لم يتفحّص في المقامين.
نعم ، لو لم يكن المكلّف ملتفتا بشيء منهما ، لا يبعد القول بصحّة عباداته بعد مطابقة الواقع ، فالقائل بلزوم الفحص إن أراد منه ما ذكرنا من أحد الأمرين ، فمرحبا بالوفاق ، وإن أراد خصوص الفحص في الأحكام الفرعيّة كما هو الظاهر من كلمات القائلين بفساد عبادة الجاهل ، فلا نعرف له وجها كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في المقام الأوّل.
وأمّا المقام الثاني
في وجوب الفحص عن الدليل عند إعمال البراءة ، وتحقيق الكلام فيه يقع في موردين :
الأوّل : في أنّ تارك الفحص والعامل بالبراءة عند ذلك هل هو معاقب ، أو لا؟ فنقول : إنّ ما يظهر من التصفّح في كلمات الأعيان أقوال في المقام ، فقيل بكونه معاقبا مطلقا بواسطة ترك التعلّم ومخالفة مجرّد الفحص وإن طابق الواقع ، وهذا هو المنسوب إلى المقدّس الأردبيلي وتلميذيه ، والفاضل السبزواري (٢) وجماعة ممّن تبعهم ، وقيل
__________________
(١) سقط قوله : « أنّ جريان الاشتغال » إلى هنا من نسخة « م ».
(٢) مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٠ ؛ مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٤ ـ ٣٤٥ و ٣ : ٢١٩ ؛ الذخيرة : ١٦٧ ؛ ـ مصباح الأصول ٢ : ٤٩٥ ومال إليه صاحب الكفاية. ولم ينسب إلى صاحب المعالم وقد تقدّم عنهم في ص ٥٠٠ انظر أيضا بحث القطع والظنّ ص ٢٢٧.