أخر أيضا كالإجماع من القائلين بها بحسب اختلاف مواردها أخباريا وأصوليا إلاّ في موارد ستعرف تحقيق القول فيه ، واستقرار عمل العقلاء على الفحص في مواردها ، ولزوم الهرج والمرج لو لاه ، والخرج من الدين على وجه لا يعدّ من المتديّنين بهذا الدين كما برهنّا (١) عليه في مقدّمات دليل الانسداد عند إبطال العمل بالبراءة.
فرع
هل المدار في الواقع الذي جعلنا العقاب دائرا مداره ما ذا؟ فهل هو الواقع في نفس الأمر ، أو ما يصل إلى أنظار المجتهدين بعد الفحص المعتبر ، أو ما يصل إلى نظر المقلّد؟
وتظهر الثمرة فيما إذا (٢) انكشف اختلاف الواقع (٣) مع ما وصل إلى الأنظار المسمّى بالحكم الظاهري عند بعض ، وبالواصلي عند الأخباري مثلا فيما لو كان شرب التتن في الواقع مباحا وارتكبه المكلّف ، ثمّ انكشف أنّ الحكم الظاهري بحسب ما أدّى إليه اجتهاد المجتهد كان حراما ، أو العكس ، فعلى تقدير كون المدار على الواقع الواقعي ، يعاقب عند المخالفة وإن وافق الحكم الظاهري ، وعلى تقدير كون المدار على الواقع الثانوي ، لا يعاقب على تقدير الموافقة وإن خالف الحكم الواقعي وجهان.
نعم ، في صورتي الموافقة لكلّ واحد من الحكمين ، أو المخالفة لهما لا ثمرة إلاّ نادرا كأن يكون من لوازم الواقع أو الظاهر.
وكيف كان ، فوجه الأوّل أنّ الحكم الظاهري إنّما هو مجرّد طريق إلى الواقع ولا عبرة به في شيء سوى مجرّد الطريقية ، وبعد موافقة الواقع لا ضير في مخالفة الطريق ؛ إذ لا مصلحة في الطريق سوى الوصول إلى ما هو طريق إليه والمفروض حصوله.
ووجه الثاني فلأنّ الواقع لمكان الجهل به وعدم التمكّن من العلم به ـ إذ المفروض
__________________
(١) « س » : نبّهنا.
(٢) « ج ، م » : إذ.
(٣) « ج » : الرأيان!