مخالفة ما هو طريق إليه له ـ مرفوع عن المكلّف ، ولا يجوز العقاب عليه ، ولك أن تقول : إنّ المدار على عدم التكليف ، فإن كان الواقع حراما ، ومؤدّى الاجتهاد أو التقليد إباحة ، فالمحكّم هو الأخذ بالطريق وعدم الحكم بكونه معاقبا ، وإن كان الواقع على الإباحة دون مؤدّى الطريق ، فالمدار على الواقع.
أمّا إذا كان الواقع على الإباحة ، فالوجه فيه ظاهر بعد ما عرفت من عدم ترتّب شيء على الطريق سوى ما يترتّب على الواقع ، وأمّا إذا كان الواقع على الحرمة دون مؤدّى الطريق ، فلأنّ شرط الحرمة الواقعية تنجّز التكليف والمفروض عدم العلم وعدم تمكّنه أيضا ، لأنّ الطريق إليه على تقدير الفحص عن الواقع مخالف له ، فلا يمكن الوصول إليه.
ويمكن الإيراد عليه بأنّ الأخذ بالطريق الظاهري في مرتبة أحد أفراد الواجب المخيّر ، وبعد تعذّر أحد أفرادي الواجبين فالباقي هو المعيّن ، ويلازمه العقاب عند التخلّف عنه.
قلت : بعد القطع بكون الأمارات المعمولة عند المجتهد طريقا إلى الواقع سواء قلنا باعتبار الظنّ المطلق ، أو لا ، فلا يعرف في ترتّب العقاب على الطريق بعد فرض المطابقة وجها عدى ما يتوهّم من عنوان التجرّي ، وقد عرفت تحقيق القول في حرمة التجرّي بما لا مزيد عليه.
[ عدم لزوم الفحص في الشبهات الموضوعية ]
هذا بالنسبة إلى الحكم التكليفي في الشبهات الحكمية عند عدم الفحص وإعمال البراءة ، وأمّا بالنسبة إلى الشبهات الموضوعية فلا ريب في جريان البراءة في مواردها من دون لزوم الفحص فيها ، فلو شكّ في كون إناء خمرا ، أو خلاّ ، فيعمل بالبراءة من غير ملاحظة أنّه الخمر ، أو الخلّ.