المقام الثاني (١)
في بيان الحكم الوضعي عند عدم الفحص والأخذ بالبراءة ، وتحقيق الكلام في ضمن مطلبين :
المطلب الأوّل
في المعاملات المعمولة فيها أصالة العدم قبل الفحص كما إذا شكّ في اشتراط شيء في العقد ، فأخذ بعدمه نظرا إلى أصالة العدم ، واعلم أنّ المراد بالمعاملات في المقام ما لا يجب في تحقّقه قصد القربة.
والحقّ أنّ مدار الأحكام الوضعية في المعاملات عند الأخذ بالأصول المعمولة فيها هو الواقع ، ولا يؤثّر الفحص فيها صحّة ولا فسادا ، فلو فرضنا أنّ أحدا قد اتّكل على نقل شيء بالمعاطاة تعويلا على أصالة عدم لزوم العقد في النقل والانتقال ، فلو كان الواقع على عدم الاعتبار ، فالنقل حاصل ، وإلاّ فلا أثر للفحص عن الاعتبار وعدمه فيما هو ثابت في الواقع ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون حين صدور الفعل المعاملي منه شاكّا في التأثير ، أو ظانّا ، أو قاطعا بالفساد ما لم يضرّ ذلك في تحقّق إنشاء النقل والانتقال منه إذا كان الفعل المعاملي من قبيله.
ويظهر ذلك من ملاحظة حال اللاعب بالشطرنج والنرد فإنّه مع علمه بالفساد شرعا قاصد للنقل ، وذلك ظاهر في الطهارة والنجاسة ، ولم نر في ذلك مخالفا إلاّ بعض المتأخّرين.
والوجه في ذلك هو الأخذ بعمومات أدلّة الأحكام الواقعية فإنّ ما دلّ على سببية البيع للنقل غير مقيّد بكون ذلك بعد الفحص ، فالمعاملات التي تقع بلا اجتهاد وتقليد صحّتها وفسادها وترتيب الآثار المطلوبة (٢) منها من نقل ملك ، أو منفعة ، أو رفع
__________________
(١) كذا. والصواب المورد الثاني. وتقدّم المورد الأوّل في بيان الحكم التكليفي في ص ٥٨٠.
(٢) « ج » : المطلوبية.