لا يقال : هذا يناقض ما تقدّم في بعض المباحث السالفة من عدم الإجزاء بالأمر الظاهري إذا انكشف الخلاف حيث إنّ الظنّ ـ على هذا التقدير ـ حكم ثانوي جعل (١) في مرحلة الظاهر بدلا (٢) عن الواقع ، وظاهر أنّ البدل يكفي وجوده في محلّه عن المبدل منه.
لأنّا نقول : البدل يكفي وجوده عن المبدل منه فيما لو كان في عرض المبدل منه كما في خصال الكفّارة ؛ فإنّ العتق فيه مصلحة تكافئ مصلحة الصوم مثلا ، وأمّا فيما لو كان مرتّبا على المبدل منه ، وكان جعله من جهة عدم الوصول إلى المبدل منه ، فمن المعلوم عدم كفاية البدل عن المبدل منه فيما لو انكشف الخلاف ، فلا تنافي بين المقامين ؛ للفرق الظاهر بين أن يكون الجعل في مرحلة بدلا عنه (٣) في مرحلة أخرى ، وبين أن يكون المجعول بدلا عنه في مورد كما هو كذلك في الخصال.
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا تقدّم أنّ العلم له حالات ثلاثة :
أحدها : أن يكون طريقا للوصول إلى متعلّقه كما في العلم بالنجاسة (٤).
الثاني والثالث : أن يكون موضوعا أو جزء موضوع للآثار الشرعية أو العقلية الخارجة عن متعلّقه ، فهو بالنسبة إلى متعلّقه أيضا طريق ، وموضوعيته بملاحظة الآثار المترتّبة عليه شرعا أو عقلا.
فمن أمثلة الأوّل (٥) الثواب والعقاب المترتّبان على نفس العلم في صورتي التجرّي والانقياد ؛ فإنّ من اعتقد وعلم بوجوب شيء ، فيجب عليه الإتيان بالواجب المعتقد انقيادا ، وكذا فيما علم حرمته ، فالإتيان به محرّم للتجرّي ، فالشارع قد جعل العلم موضوعا لترتّب الثواب والعقاب في صورة الإتيان بما يعتقد وجوبه والاحتراز عمّا
__________________
(١) « ش » : جعلي.
(٢) « ش » : بدل.
(٣) « ل » : منه.
(٤) « ل » : بنجاسة.
(٥) أي نفس الموضوع. « منه ».