الثاني : أنّ ورود التقييدات المتوافرة ، والتخصيصات (١) المتكاثرة إنّما أوجب عدم العمل بها بواسطة إحداثها وهنا فيها بل ربّما اختصّ بفرد واحد ومورد متّحد كما في قوله : ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا )(٢) فإنّه قد اختصّ بقراءة الإمام في الجماعة.
والجواب : أمّا عن الأوّل ، فبعد الإغماض عمّا في إسناده بدعوى التواتر فيها إجمالا أنّ التفسير ـ كما نصّ عليه جماعة ـ عبارة عن كشف الغطاء ، واختصاص مورده عرفا ولغة بما إذا لم يكن منكشفا في نفسه ممّا لا ينبغي الارتياب فيه.
وتوضيح الحال فيه : أنّ هناك أشياء : اللفظ ، والمعنى ، والمتكلّم ، والسامع ولا ريب في اختفاء المعنى في ذهن المتكلّم ، فيظهره باللفظ ، فتارة على نحو هو منكشف بنفسه ، وأخرى على وجه يحتاج إلى منكشف غيره ، فبعد ما يرتفع النقاب عن وجه المطلوب بواسطة اللفظ على الوجه الأوّل لا يحتاج في فهم المراد إلى شيء آخر بعد العلم بالوضع ، فقوله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ ) عند أهل اللسان أو (٣) العارف بالبيان المقرّر عندهم منكشف في نفسه لا يحتاج في بيانه إلى شيء آخر ، وإنّما انكشف عنه تكلّم المتكلّم به وتلفّظه كما هو ظاهر بعد الرجوع إلى العرف الحاكم في تميز معاني الألفاظ وصدقها ، فلا يصدق التفسير في مثله ؛ إذ المعنى لا خفاء فيه بعد التّلفظ.
نعم ، إنّما يصدق التفسير فيما لم يكن المعنى بعد التلفّظ منكشفا ، ولو فسّره من لا يروي في تفسيره عنهم عليهمالسلام ، فلا شكّ في حرمته ، فلا دلالة في الأخبار المذكورة على المطلوب بل نحن أيضا نلتزم بمفادها ، وإنّما نمنع كون العمل بالظواهر منه.
وربما يتوهّم أنّ الترجمة أيضا من التفسير المحرّم ، وليس بشيء ؛ لأنّه لو كان تفسيرا ، فهو إنّما هو بالنسبة إلى المعاني اللغوية لا بالنسبة إلى المراد من اللفظ ، وظاهر
__________________
(١) « ش » : التقيّدات ... المخصّصات.
(٢) الأعراف : ٢٠٤.
(٣) « ل » : « و» بدل : « أو ».