أنّ مساق الآيات ممّا لا ربط له بمثل المفروض ، ولو سلّمنا ، فهذه معارضة بما هو أوضح سندا ، وأقوى دلالة ، ومع التساوي فلا بدّ من الحمل على ما ذكر جمعا بينهما.
وأمّا الجواب عن الثاني ، فأوّلا : النقض بالأخبار ، فإنّها ممّا قد نالها يد التخصيص والتقييد بكثير بحيث لا يكاد ينكر.
وثانيا : الحلّ (١) ، فإنّ ورود التخصيص والتقييد كثيرا أو (٢) قليلا لا يقضي بإهمال الأدلّة وإجمال المراد بعدهما ؛ لأنّ العمل بالعامّ إنّما هو بعد الفحص ، ولا ضير فيه ؛ لما قد تقرّر من حجّية العامّ المخصّص في الباقي لو لم يكن مخصّصا بمجمل ، وعلى تقديره فعدم حجّيته إنّما هو من (٣) جهة إجماله.
ثمّ إنّ للفاضل السيّد صدر الدين في المقام كلاما لا بأس بنقله وذكر ما يرد عليه قال رحمهالله بعد جملة كلام له : والقول الفصل مع تفصيل وتوضيح يظهر بعد تمهيد مقدّمتين :
الأولى (٤) : أنّ بقاء التكليف إلى الانقراض الذي (٥) ممّا لا شكّ فيه ، ولزوم العمل بمقتضاه موقوف على إفهام المكلّفين ما كلّفوا به ، وهو يكون في الأكثر بالقول ، ودلالة القول على المراد منه لا تكون قطعية إلاّ بضمّ أمور خارجية (٦) وكثيرا ما تكون ظنّية إذ مدار الإفهام وقطبه في كلّ لغة إنّما هو إلقاء الحقائق المجرّدة عن القرينة ، وإبقاء المجازات معها ، فيبني (٧) المخاطبون الاعتقاد أو العمل على ما يفهمونه ، وإن كان احتمال التجوّز في الأوّل وخفاء (٨) القرينة وأشباهها (٩) على المخاطب في الثاني باقيا ؛ لأنّه لا بعد في أن ينصب متكلّم قرينة لإرادة معنى مجازي آخر ؛ لكون القرينة مناسبة للمعنيين ، والذي
__________________
(١) « ل » : بالحلّ.
(٢) « ل » : « و» بدل : « أو ».
(٣) « ش » : في.
(٤) في المصدر : + هي.
(٥) في المصدر : « الدهر » بدل : « الذي ».
(٦) في المصدر : قد يكون قطعية ولو بضمّ أمور خارجية.
(٧) « ش » : فيبتني.
(٨) « ل » : إخفاء.
(٩) « ل » : أشباهه.