حكما يدلّ ظاهرا (١) على الاستمرار ، ولكن أنسخه (٢) من بعد (٣) ، وربّما أخاطب أحدا وأنا أريد غيره ، أو أخصّص قوما بالخطاب وأنا أريدهم مع غيرهم ، أو نرى نحن أمثال ذلك في كلام متكلّم (٤) وإن لم يصرّح هو به مع علمنا بعدم غفلته ومسامحته ، فحينئذ لا يجوز لنا القطع بمراده ، ولا يحصل الظنّ به.
اللهمّ إلاّ أن يكون العامّ الباقي على عمومه ، والمطلق الباقي على إطلاقه كثيرا بالنسبة إلى المخصّص (٥) والمقيّد ، وكذا غيرهما ، والقرآن من هذا القبيل ؛ لأنّه وإن كان عربيا لكن نزل على اصطلاح جديد (٦) ، لا أقول على وضع جديد بل أعمّ من أن يكون كذلك ، أو يكون فيه مجازات لا يعرفها (٧) العرب ، ومع ذلك وجدت فيه كلمات لا يعلم المراد منها أصلا كالمقطّعات في أوائل السور ، ثمّ إنّ الله تعالى لم يدع المكلّفين حتّى أنزل إلى رسوله قوله : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ )(٨) الآية ، فذمّهم على اتّباع المتشابه ولم يبيّن لهم المتشابه (٩) ما هي؟ وكم هي؟ بل لم يبيّن لهم المراد من هذا اللفظ (١٠) ، وجعل البيان موكولا إلى خلفائه ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله نهى الناس عن التفسير بالآراء وكذا الأوصياء (١١) عليهمالسلام ، وكذا جعلوا لنا الأصل عدم جواز (١٢) العمل بالظنّ إلاّ ما أخرجه الدليل.
ثمّ أفاد : إذا تمهّدت هاتان المقدّمتان ، فنقول : مقتضى المقدّمة الأولى هو العمل بالظواهر ، ومقتضى الثانية عدم جواز (١٣) العمل بها (١٤) ؛ لأنّ ما صار منها (١٥) متشابها لا
__________________
(١) في المصدر : ظاهره.
(٢) في المصدر : ولكنّي سأنسخه.
(٣) في المصدر : ـ من بعد.
(٤) في المصدر : كلامه.
(٥) في المصدر : المخصوص.
(٦) في المصدر : خاصّ.
(٧) في المصدر : لم يعرفنا.
(٨) آل عمران : ٧.
(٩) في المصدر : المتشابهات.
(١٠) في المصدر : هذه اللفظة.
(١١) في المصدر : أوصيائه.
(١٢) في المصدر : ـ جواز.
(١٣) في المصدر : ـ جواز.
(١٤) في المصدر : ـ بها.
(١٥) « ل » : ـ منها.