فربّما يجعله عامّا كما إذا كان الجاعل هو العقل أو الشرع ، وربّما يجعله خاصّا كالعلم الحاصل من الإحساس مثلا من عالم خاصّ كالمجتهد مثلا في مورد خاصّ كالفقه مثلا ، وربّما يجعل موضوع الحكم ما يكشف عن الواقع سواء كان ظنّيا أو علميا.
وبالجملة ، فالجاعل على حسب اختلاف الأغراض يختلف جعله ، والمدار في تميزه عموما وخصوصا على الدليل الدالّ على موضوعيته إن عامّا فعامّ ، وإن خاصّا فخاصّ.
ثمّ العلم لو كان طريقا ، يقوم مقامه سائر الأمارات الشرعية التي جعلها الشارع بمنزلة الواقع ، فكما أنّ العلم طريق وجداني فالاستصحاب أيضا في محلّه ومجراه طريق شرعيّ.
وإن اعتبر العلم موضوعا ، فتارة يعتبر على وجه يكون لوصف العلم مدخل فيه ، وأخرى على وجه عامّ لا مدخل لخصوص وصف العلم القائم بالنفس فيه ، فعلى الأوّل لا يصحّ قيام دليل غير علمي مقامه ؛ لانتفاء موضوع الحكم على تقديره ، وعلى الثاني يصحّ.
ويظهر الثمرة فيما لو نذر شخص على تقدير علمه بحياة زيد إعطاء درهم ، فعلى الأوّل لا يجب عليه التصدّق لو علمه بالاستصحاب ، أو قامت له البيّنة مع انتفاء العلم حقيقة في الصورتين كما أنّه لا يجب عليه التصدّق فيما لو اعتبر العلم خاصّا كالحاصل من الإبصار على تقدير عدمه.
وعلى الثاني يجب عليه التصدّق في الصورة المذكورة ؛ لحصول موضوع الحكم على تقديره ، فالمعيار في التميز (١) بين الموضوعات المترتّبة عليها الآثار الشرعية هو الدليل ، فلا بدّ من الرجوع إليه في تميزها.
وقد يشكّ في كون العلم طريقا أو موضوعا بواسطة اشتباه جهة القضية بموضوعها
__________________
(١) « ل » : التمييز.