قوله : « لا يدخل فيه الشكّ » فإنّ الظاهر منه هو اليقين السابق ، بل ولا يصحّ التفريع لو كان المراد باليقين هو الفعلي منه. أمّا قوله : « صم للرؤية » فظاهر عدم التفريع فيه ، وأمّا قوله : « وأفطر للرؤية » فهو أيضا كذلك ؛ لدوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، فلا يتمشّى فيه الاحتياط. فلا إشكال في الرواية من حيث الدلالة فيا ليتها كانت صحيحة السند ، فإنّها مكاتبة أوّلا ، ولم يصرّح النجاشي بوثاقة عليّ بن محمّد القاساني ثانيا.
قال النجاشي في ترجمته : إنّ عليّ بن محمّد بن شيرة القاساني أبو الحسن كان فقيها مكثرا من الحديث فاضلا ، غمز عليه أحمد بن محمّد بن عيسى وذكر أنّه سمع منه مذاهب متكثّرة (١) ، وليس في كتبه ما يدلّ على ذلك ، له كتب أخبرنا عليّ بن أحمد بن محمّد بن طاهر وقال : حدّثني (٢) محمّد بن الحسن قال : حدّثنا سعد عن عليّ بن محمّد بن شيرة القاساني بكتبه (٣).
وعدم دلالته على التوثيق ظاهر ، ووصفه بالفقه والفضيلة يعارضه قوله : غمز عليه وسمع منه مذاهب متكثّرة ، نعم في رجال الشيخ أنّ عليّ بن شيرة ثقة من أصحاب الهادي عليهالسلام (٤) إلاّ أنّه احتمل بعضهم (٥) أنّ قوله : « ثقة » تصحيف قوله : « يقال » بقرينة ما ذكره بعد ذلك بلا فصل أنّ عليّ بن محمّد القاساني ضعيف أصبهاني ، وعلى تقدير عدم التصحيف فالمعارضة بينهما ظاهرة (٦) إلاّ أن يقال بالتعدّد وأنّ عليّ بن شيرة غير القاساني كما لعلّه مؤيّد بما أفاده العلاّمة من أنّ عليّ بن محمّد القاساني وعليّ بن شيرة كانا من أصحاب أبي جعفر الثاني ، ولكن قيل عليه : إنّه سهو ؛ إذ لم نجدهما في الأصحاب ، مع تصريح النجاشي بالاتّحاد.
فكيف كان فلو لم يكن المدار في السند على الوثوق لم يكن وجه للاستدلال
__________________
(١) في المصدر : منكرة.
(٢) في المصدر : حدّثنا.
(٣) رجال النجاشى ٢٥٥ / ٦٦٩.
(٤) رجال الطوسى ٤١٧ / ٩.
(٥) انظر منتهى المقال ٥ : ٥٩.
(٦) « ج ، م » : ظاهر.