فسندها لعلّه ممّا لا غبار عليه فيا ليتها كانت متّضحة الدلالة على المقصود ، فإنّه يحتمل وجهين :
أحدهما : أنّ من كان على يقين فشكّ في ارتفاع ما تيقّنه ، فليمض على ثبوت ما تيقّنه (١) بترتيب الآثار المترتّبة على المتيقّن على المشكوك ، فمتعلّق اليقين هو ثبوت المتيقّن ، ومتعلّق الشكّ هو بقاؤه ، فيدلّ على القاعدة المطلوبة كما هو المقصود ، فإنّ ذلك هو بعينه (٢) الاستصحاب.
وثانيهما : أنّ من كان على يقين وقطع بثبوت (٣) شيء فشكّ في ثبوت ذلك الشيء أوّلا وتردّد في صحّة يقينه ، فليمض على يقينه بترتيب الآثار المترتّبة على اليقين حال الشكّ في صحّة اليقين ، فمتعلّق الشكّ هو الثبوت كمتعلّق اليقين ، فيكون مفاد الخبر قاعدة أخرى من فروع قاعدة الشكّ بعد الفراغ ولا ربط له بالاستصحاب في وجه.
وإذا احتمل الأمران فلا وجه للاستدلال مع احتمال ظهور الثاني لاتّحاد موردي الشكّ واليقين ، مضافا إلى ظهور الدفع والنقض في التناقض بين الشكّ واليقين وهو لا يتحقّق إلاّ على الاحتمال الأخير ؛ ضرورة إمكان الجمع بينهما في الاستصحاب ، ولمثل ذلك سلك المحقّق الخوانساري غير ما سلكه القوم كما ستقف (٤) عليه إن شاء الله.
إلاّ أن يقال : إنّ قوله : « فليمض » ظاهر في الاحتمال الأوّل ، وربّما يؤيّده عدم لزوم التخصيص أيضا ، فإنّه على التقدير الثاني لا بدّ من تخصيصه بما إذا لم يعلم فساد مدرك اليقين السابق ، كذا أفاد.
قلت : لزوم التخصيص مشترك الورود كما لا يخفى.
هذا تمام الكلام في الأخبار العامّة ، وقد يتمسّك لإثبات حجّية الاستصحاب (٥)
__________________
(١) « ج » : تتيقّنه.
(٢) « ج » : يفيد ، وفي « م » : هو بعينه هو.
(٣) « م » : ثبوت.
(٤) ستقف عليه في الهداية الخوانسارية ص ١٢٥ وما بعدها.
(٥) « ز ، ك » : حجّيته.