فيردّه عليّ ، فأغسله قبل أن أصلّي فيه؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك ، فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن أنّه نجّسه » (١) وهذه أيضا صريحة الدلالة على الاستصحاب في الطهارة مطلقا ، لمكان التعليل.
وثالثها : رواية ضريس في الصحيح قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام (٢) عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم أنأكله؟ قال : « أمّا ما علمت أنّه قد خلطه الحرام فلا تأكل ، وأمّا ما لم تعلمه فكله حتّى تعلم أنّه حرام » (٣).
وفيه : أنّ (٤) استفادة القطع بمطلق الاستصحاب من هذه الأخبار دعوى لا شاهد عليها ، والظنّ بأنّ المناط فيها على الاستصحاب والحالة السابقة من استخراج العلّة ظنّا لا تعويل (٥) عليه ، على أنّ الرواية الأخيرة ممّا لا شاهد فيها على المقصود.
فإن قلت : إنّ مقتضى عموم العلّة وسرايتها كما هي منصوصة في الرواية الثانية اعتبار مطلق الاستصحاب ، لاعتبار القياس المنصوص.
قلت : وهذه غفلة واضحة ؛ لأنّ قضيّة تسرية العلّة إلى غير محلّ النصّ هو الاشتراك في ذلك الحكم الذي علّق على موضوعه معلّلا بالعلّة المذكورة لا الحكم بما هو نظير لذلك الحكم فيما وجد فيه العلّة كما يظهر من ملاحظة الحكم بالحرمة في النبيذ لوجود السكر المعلّل به الحرمة في الخمر ، والحكم بثبوت الخيار فيما إذا شكّ فيه قياسا على ثبوت الطهارة ، فإنّ نهاية ما يستفاد من تسرية الحكم في موارد العلّة هو الحكم بوجود مطلق الطهارة حين الشكّ فيها لا ثبوت الخيار ؛ لأنّ بقاء الخيار ليس معلّقا على الأصل حتّى يثبت في الفرع لوجود العلّة.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٦١ ، باب ١٧ ، ح ٢٧ ؛ وسائل الشيعة ٣ : ٥٢١ ، باب ٧٤ ، ح ١.
(٢) « م » : عليه الصلاة والسلام.
(٣) التهذيب ٩ : ٧٩ ، باب الذبائح ، ح ٧١ ؛ وسائل الشيعة ٢٤ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، باب ٢٤ من أبواب الأطعمة والأشربة ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ٢ : ٢٨٢ ، باب ٣٢ ، ح ٥٧.
(٤) « ز ، ك » : ـ أنّ.
(٥) « ج ، م » : ولا تعويل.