هداية
[ في حجّية الاستصحاب في الوضعيات دون الطلبيات ]
قد عرفت (١) في بعض الهدايات السابقة نسبة القول بحجية الاستصحاب في الوضعيات دون الطلبيات إلى الفاضل التوني ، والمتراءى منه في الوافية عدم جريان الاستصحاب وتعقّله في الطلبيات دون عدم الحجّية ، فإنّ ذلك ربّما لا ينافي التعقّل ، كما أنّ المتراءى منه أيضا هو جريانه في نفس الأسباب والشرائط ، والأحكام الوضعية عندهم السببية والشرطية لا نفس الأسباب والشرائط ، قال ـ بعد تحديده له وتحرير الخلاف وذكر أدلّة الفريقين من الأخبار وغيرها وتنويع الأحكام إلى الوضعية والتكليفية ـ : إذا عرفت هذا فإذا ورد أمر بطلب شيء فلا يخلو إمّا أن يكون موقّتا ، أو لا ، وعلى الأوّل يكون وجوب ذلك الشيء أو ندبه في كلّ جزء من أجزاء ذلك الوقت ثابتا بذلك الأمر ، فالتمسّك حينئذ في ثبوت ذلك الحكم في الزمان الثاني بالنصّ لا بالثبوت في الزمان الأوّل حتّى يكون استصحابا وهو ظاهر ، وعلى الثاني أيضا كذلك إن قلنا بإفادة الأمر للتكرار (٢) ، وإلاّ فذمّة المكلّف مشغولة حتّى يأتي به في أيّ زمان كان ، ونسبة أجزاء الزمان إليه نسبة واحدة في كونه أداء في كلّ جزء منها ، سواء قلنا بأنّ الأمر للفور أو لا. والتوهّم بأنّ الأمر إذا كان للفور يكون من قبيل الموقّت المضيّق ، اشتباه غير خفيّ (٣) على المتأمّل ، فهذا أيضا ليس من الاستصحاب في شيء ولا
__________________
(١) انظر ص ٦٠.
(٢) في المصدر : التكرار.
(٣) « ج ، م » : مخفيّ.