ذلك بين الاحتمالات السابقة من (١) القول بالتكرار وغيره.
ولناصر الفاضل أن يذبّ عنه هذه الإيرادات بأنّ المستصحب في هذه الموارد هو الحكم الوضعي ؛ لأنّه يستصحب فيها عدم المانع ، وأمّا نفس الحكم المعلّق على عدم المانع فلا يمكن استصحابه ؛ لأنّه إن كان معلوما بجميع قيوده المعتبرة فيه فلا يعقل فيه الشكّ لاحقا وجودا وعدما ، وإلاّ فلم يكن معلوما في السابق فلا يجري الاستصحاب كما ستعرف تفصيله.
مضافا إلى أنّ الفاضل المذكور ومن يحذو حذو الأخباريين عندهم قاعدة مقرّرة موسومة بعموم الدليل وهي أنّه إذا ثبت حكم إلى زمان أو حال ، ثمّ شكّ بعد ذلك في عروض ذلك الحال أو في مانعية الحادث ، فلا بدّ من الأخذ بالدليل الدالّ على ذلك الحكم ، ففيما إذا شكّ في وجوب إتمام الصوم لو حصل له المرض ـ لاحتمال المانعية أو لاحتمال عروض ما هو المانع واقعا ـ يجب الأخذ بما دلّ على وجوب الصوم في مقابل هذه الاحتمالات نظرا إلى أنّ الدليل دلّ على وجوب الصوم إلاّ في حال كذا ، فلا يجوز الإخلال به إلاّ فيما علم أنّه حال كذا ، وليس نظرهم في هذا الحكم إلى الاستصحاب وثبوت الحكم في الزمان الأوّل ، بل هم يستندون في ذلك إلى عموم الدليل إلى أنّ يعلم بالمخصّص ، وهذه القاعدة وإن كانت فاسدة في نفسها ـ لأنّ دليل نفس الحكم لا ينهض لدفع الشكّ في عروض المانع أو في مانعية العارض أو حصول حدّ المحدود كما هو ظاهر ، فإنّه لا يتّكل عاقل فضلا عن فاضل في دفع احتمال عروض الطهارة بأدلّة حصول النجاسة في الماء ، وفي دفع احتمال ناقضية المذي للوضوء بأدلّة الوضوء ، فإنّ الأخذ بالعموم إنّما يحسن فيما يحتمل التخصيص ، وأمّا احتمال التخصيص بتبدّل الموضوع فلا مسرح للعامّ فيه ـ إلاّ أنّها تجدي (٢) في دفع النقوض عنه.
__________________
(١) « ز ، ك » : « و » بدل : « من ».
(٢) في النسخ : يجدي.